واحة رمضان: من المقاصد التربوية للصيام

وعليه، فمدرسة الصيام تُدرب الإنسان على ترك التدخين وما في حُكمه؛ لأن مَن تخلَّى عن الطعام والشراب، لن يُعجزه أن يتخلى عن مثل هذه الخبائث.
 

• مواساة الفقراء والشعور بمعاناة الضُّعفاء:
يتخرج العبد المؤمن من المدرسة الرمضانية وقد مَلَكَتْه معاني الرحمة امتلاكًا، واستحوذتْ على قلبه استحواذًا، كيف لا وقد قضى ثلاثين يوما نُشِرتْ فيها رحمة الله تعالى نشْرًا؟
إن ذلك الشعور اللطيف، والإحساس الجميل، الناشئ عن شدة الجوع والعطش - سيُوقظ المؤمن الصائم، ويُحرك فيه جوانبَ الدفء والرحمة بإخوانه الفقراء؛ لأن الذي آلَمه الجوعُ والعطش في أيام معدودات، لا بد أن يتذكَّر البطون والأكبادَ التي تَجوع الدهرَ كلَّه؛ فالرحمة إنما تنشأ من الألم كما يقول الرافعي - رحمه الله - ومتى مُلِئَ قلبُ الصائم الغني بهذا الإحساس، وهذا الشعور الذي يتولد عن جوع الصوم - تحوَّلت جوارحُه كلُّها إلى خدمة الفقير ومساعدته؛ لأنه كما «تكثُر رحمة الله تعالى على عباده المؤمنين الصائمين في رمضان، فإن واجبَ الشكر يستدعي منهم أن تتدفَّق قلوبُهم بالرحمة في هذا الشهر المبارك على عباد الله البائسين وذوي الحاجات والضرورات؛ ليكون نصيبُهم من رحمة الله أوفرَ، وليكون حظُّهم من عطاء الله أكثرَ ... لأننا حين نتدبر ما رواه البخاري ومسلم عن جرير بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرحَمُ اللهُ مَن لا يَرحَمُ الناسَ»، فلا بد أن نلاحظ أن مفتاح تلقِّي رحمة الله العظيمة أن يرحَمَ العبدُ غيرَه من الناس المستحقين للرحمة، أما مَن كان قاسي القلب، لا يَندَى برحمةٍ نحوَ عباد الله، فإن قسوة قلبه تَحجُب عنه استقبال فُيوضِ رحمة الله»، خاصة في هذا الشهر الذي هو مَهبِطُ الرحمات.

 • تقويم السلوك وتهذيب الأخلاق: وهذا المقصد مستفاد من الحديث رقم (2)، والحديث رقم (3) والحديث رقم (4) من النصوص المؤطرة لمقاصد الصيام التربوية.
 ليست العبرة بصورة الصيام، ولا بصورة الصلاة، ولا بصورة الزكاة، ولا بصورة الحج...، ولكن العبرة بروح هذه العبادات ولُبِّها، ألا وهو الأخلاق؛ لذلك وبالنظر إلى النص الثاني والثالث والرابع، يُمكننا الجزم بأن الصيام مدرسة إصلاحية، ومحطة من محطات تقويم السلوك وتهذيب الأخلاق؛ لأن الشرع الحنيف بالَغ في النهي عن مجموعة من السلوكات الشائنة في رمضان، وإن كانت هذه السلوكات شائنةً في رمضان وفي غيره من الشهور والأزمنة، فإن الشرع استعظَمها واستقبَحها في هذا الشهر الكريم لِما له مِن حُرمة وقُدسيةٍ.

يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115