: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوبٍ واحدٍ، ثم اقتسموه بينهم في إناءٍ واحدٍ بالسوية؛ فهم مني وأنا منهم»
ثم تأتي المواقف النبوية لتجسِّد مدى صورة التعاون النبوي في الأسرة والمجتمع؛ في الأسرة يعين أهله، ويقوم على خدمتهم، عندما سُئلت السيدة عائشة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة»
ومع المجتمع تصفه السيدة خديجة؛ عندما عاد من لقاء الوحي به أول مرة، فقال: «أي خديجة، ما لي؟ لقد خشيتُ على نفسي»، فأخبرها الخبر، قالت خديجة: كلا، أبشِرْ؛ فوالله لا يخزيك الله أبدًا؛ فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمِل الكَلَّ، وتَكسِب المعدوم، وتَقْري الضيف، وتُعين على نوائب الحق».
ويُفهم من كلام السيدة خديجة: أن مَن يبذل الخير للناس، ويتعاون معهم، ويسعى في خدمتهم، هو كفيلٌ بإزاحة الأذى عنه، وبُعْد المكروه؛ لفعله المعروف.
ويصف عثمان رضي الله عنه تعاون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: «إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، فكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير».
وقيل:
لولا التعاونُ بين الناسِ ما شرُفَتْ
نَفْسٌ ولا ازْدهَرَتْ أرضٌ بعُمرانِ
ولا ننسَ أن التعاون من شِيم الأنبياء عليهم السلام؛ فسيدنا إبراهيم عليه السلام لما أُمر ببناء الكعبة، طلب من ابنه إسماعيل عليه السلام أن يعينه ويساعده في هذه المهمة الإلهية، فقال: يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمرٍ، قال: فاصنع ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأعينك.
وطلب سيدنا موسى عليه السلام من ربه أن يجعل أخاه هارون معه ليُعِينه في أمر الدعوة، ويحكي القرآن هذا الطلبَ، فيقول: « وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي • هَارُونَ أَخِي • اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي • وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي» طه: 29 - 32، فيستجيب الله لطلبه، « قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى «طه: 36