القرآنيات: ولعلكم تشكرون (2)

الشُّكر من صفات الأنبياء عليهم السلام:
لقد وصف الله سيدنا نوحًا عليه السلام فقال: «ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا» الإسراء: 3.

والسبب - كما قال مجاهد -: لم يأكل شيئًا إلا حمد الله عليه، ولم يشرب شرابًا إلا حمد الله عليه، ولم يبطش بشيء قط إلا حمد الله عليه؛ فأثنى الله أنه كان عبدًا شكورًا.
ووصف سيدنا إبراهيم عليه السلام بالشكر، فقال ربنا: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» النحل: 120، 121.
وأمر سيدنا موسى عليه السلام بالشكر، فقال: «قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ» الأعراف: 144، وعن أبي الجلد، قال: قرأت في مسألة موسى عليه السلام أنه قال: «يا رب، كيف لي أن أشكرك وأصغر نعمةٍ وضعتها عندي من نعمك لا يجازي بها عملي كله؟ قال: فأتاه الوحي: «أن يا موسى الآن شكرتَني».

أمر آل داود عليه السلام بالشكر، فقال: « اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ «سبأ: 13، وعن الحسن، قال: قال داود عليه السلام: «إلهي، لو أن لكل شعرةٍ مني لسانين يسبحانك الليل والنهار ما قضيتُ نعمةً من نعمك».
ويؤمر سيد الشاكرين صلى الله عليه وسلم من رب العالمين سبحانه وتعالى بالشكر، «بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ» الزمر: 66

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسلم على رجل، فرد عليه الرجل السلام، فقال عمر للرجل: كيف أنت؟ قال الرجل: أحمد الله إليك، قال عمر: هذا أردتُ منك.
وكان علي رضي الله عنه إذا دخل الخلاء قال: بسم الله الحافظ المؤدي، وإذا خرج مسح بيديه بطنه ثم قال: يا لها من نعمةٍ لو يعلم العبادُ شكرَها.
وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول: قيدوا نِعَمَ الله بشُكرها.

قال رجلٌ لأبي حازمٍ: ما شُكر العينين يا أبا حازمٍ؟ قال: إن رأيت بهما خيرًا أعلنتَه، وإن رأيت بهما شرًّا سترتَه، قال: فما شكر الأذنين؟ قال: إن سمعتَ بهما خيرًا وعيتَه، وإن سمعت بهما شرًّا دفعتَه، قال: فما شكر اليدين؟ قال: لا تأخذ بهما ما ليس لهما، ولا تمنع حقًّا لله هو فيهما، قال: فما هو شكر البطن؟ قال: أن يكون أسفله طعامًا، وأعلاه علمًا، قال: فما شكر الفَرْج؟

قال: كما قال: «إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ» المؤمنون: 6 إلى قوله: «فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ» المؤمنون: 7، قال: فما شكر الرِّجْلين؟ قال: إذا رأيت حيًّا غبطته استعملت بهما عمله، وإن رأيت ميتًا مقته كففتهما عن عمله، وأنت شاكرٌ لله، فأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمَثَله كمَثَل رجلٍ له كساءٌ، فأخذ بطرفه ولم يلبَسْه، فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد، والثلج والمطر».

يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115