فالشباب والفتيات يقفون على حافة الطريق ليعطوا المارة شيئًا من المشروبات أو المطعومات قبيل المغرب، ومن الناس من يعمد إلى نصب موائد الطعام، وآخر يقوم بتجهيز ما يسمى بالحقائب والقفاف الغذائية وصنف منهم يعد وجبات جاهزة ويوزعها على الفقراء والمحتاجين، والجميل في مظاهر التعاون الرمضاني هو التواصل الأسري، بدعوة بعضهم بعضًا على الإفطار، فعلى سبيل المثال: لو أن أسرة بها أربعة أفراد بالإضافة إلى الأب والأم، والأب والأم في بيت مستقل، وكل فرد من الأسرة له بيته المستقل، فلو تنوعت الدعوات والاجتماعات بينهم، كل أسرة تذهب إلى الأخرى، لوجدت ما يزيد عن أربع أو خمس مرات اجتمعوا فيها على الطعام، وهذا في شهر واحد، وغالبًا ما يكون في رمضان، وليس في غيره - إلا الأسرة المواظبة على ذلك - ويضاف إلى التراحم والتوادد بين الأسر التواصل بين الأصدقاء والأحباب، وكلها معانٍ سامية ومشاعر راقية يسعى الإسلام بتعاليمه لتأصيلها وترسيخها في نفوس أتباعه، كما أنها تساعد على وحدة المجتمع وتقوية روابطه وسواعده.
إذًا، فرمضانُ فرصةٌ كبيرة لتحقيق التعاون بين المسلمين، فهو قيمة إسلامية كبيرة، دعا إليها القرآن الكريم وأمر بها؛ قال ربنا: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» المائدة: 2
وعلَّق الإمام القرطبي قائلًا: «وهو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى؛ أي: ليُعِنْ بعضكم بعضًا، وتحاثوا على ما أمر الله تعالى واعملوا به، وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه، وهذا موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الدالُّ على الخير كفاعله»، وقد قيل: الدال على الشر كصانعه».
وكما أن التعاون أمرٌ قرآني فهو ضرورة اجتماعية، وحاجة أساسية، لا غنى للمجتمع عنها، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادِّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» «..ومن يريد العون من الله، فليُعِن الناس؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
يتبع