هويتنا الدينيّة: جهود الإمام سحنون رحمه الله في خدمة المذهب المالكي (1)

• مقدمة:
نشأ المذهب المالكيُّ وترعرع بالحجازِ على يد إمام المذهب مالك بن أنس، إمام دار الهجرة،

وانتشر بالآفاق على يد تلامذته وغيرهم ممن انتسب للمذهب وعمِل وَفْق أصوله وقواعده.
 ومن الذين انتسبوا للمذهب ونشروه في الآفاق الإمام سحنون التنوخي (240 هـ) - صاحب المدونة الكبرى - رحمه الله، فقد تفقَّه على يد أئمة أعلام يشهد لهم التاريخ بالعلم والتقوى والزهد؛ كالإمام ابن أبي خارجة، وبهلول، وعلي بن زياد، وابن أبي حسان، وابن غانم، وابن أشرس، وابن أبي كريمة، وأخيه حبيب، وغيرهم، ثم نشر المذهب في العراق والأندلس وإفريقية، ليكون بذلك قد قدَّم خدمة جليلة للمذهب المالكي.

 فمن هو إذًا الإمام سحنون؟

وما هي تجليات جهوده في خدمة المذهب المالكي؟

هذه الأسئلة وغيرها تطرح نفسها، وهي التي سنجيب عليها بحول الله في هذه الوريقات البسيطة بحول الله عز وجل.
 

أ‌- تعريف بالإمام سحنون رحمه الله:
جاء في تعريف جامعٍ به عند الإمام الزركلي في أعلامه؛ حيث لخَّص ما ورد عند غيره من العلماء في ترجمة الإمام سحنون قال:
«عبدالسلام بن سعيد بن حبيب التنوخي، الملقب بسحنون، قاضٍ فقيه، انتهت إليه رياسة العلم في المغرب، كان زاهدًا لا يهاب سلطانًا في حقٍّ يقوله، أصله شامي من حمص، ومولده في القيروان، ولي القضاء بها سنة 234 هـ، واستمر إلى أن مات، أخباره كثيرة جدًّا، وكان رفيع القدر عفيفًا، أَبِيَّ النفس، روى «المدونة - ط» في فروع المالكية، عن عبدالرحمن بن قاسم، عن الإمام مالك، ولأبي العَرَب محمد بن أحمد بن تميم كتاب «مناقب سحنون وسيرته وأدبه.
 

ب‌- جهود الإمام سحنون في خدمة المذهب المالكي:
لقد قدَّم الإمام سحنون التنوخي (ت240هـ) رحمه الله تعالى خدمةً جليلة للمذهب المالكي؛ حيث نجد إنه خدَمه من جهات متعددة ومتنوعة؛ منها خدمته للمذهب عن طريق التدوين، ومنها خدمته عن طريق التدريس، ومنها ما كان بواسطة القضاء، ويمكن توضيح ما قام به الإمام سحنون رحمه الله من خدمةٍ للمذهب المالكي كالآتي:

أولًا: الإمام سحنون وخدمته للمذهب المالكي من خلال الإفتاء:
تفقَّه الإمام سحنون رحمه الله وتتلمَذ على كثير من العلماء والأئمة الجهابذة؛ منهم ابن وَهْب، وابن القاسم، وأشهب، وسُفيان بن عُيَيْنَة، ووَكيع، والوليد بن مُسلم، وعبدالرحمن بن مهدي، حتى بلغ درجة عالية من العلم بالفقه وغيره، أهَّلته للإفتاء، ليصبح بذلك مفتي زمانه، وعليه المعوَّل في الفتوى، وما من مسألة سُئل عنها إلا وكان يجيب عنها، «قال سليمان بن عمران: إذا سألت أسدًا عن مسألة أجابني من بحر عميق، ومعنى جوابه: لا تَزِد، وإذا سألت سحنون أجابني من بحر عميق ومعنى جوابه: زِدْ في سؤالك».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115