النبويّات: اتقوا الله وصلوا خمسكم (1)

 عَنْ أبي أُمامةَ صُدَيِّ بنِ عَجْلان الباهِيِّ رضْيَ اللهُ عنه، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّي اللهُ عليه وسلَّم يخطبُ في حَجَّةِ الوداعِ، فقال:

«اتَّقوا اللهَ، وصلُّوا خمْسَكُم، وصُوموا شَهركم، وأدُّوا زكاةَ أموالِكم، وأطيعوا أمراءكم، تدْخلوا جنَّةَ ربِّكم». رواه الترمذي.

كانت خُطب الرسول عليه الصلاة والسلام على قسمين: خطبٌ راتبة وخطب عارضة.

فأمَّا الرَّاتبة: فهي خطبةٌ في الجُمعِ والأعياد، فإنَّه صلَّي الله عليه وسلَّم كان يخطبُ النّاسَ في كلِّ جمعةٍ وفي كلِّ عيدٍ، واختلف العلماءُ - رحمهم الله - في خطبةِ صلاة الكسوفِ، هل هي راتبة أو عارضةٌ، وسببُ اختلافهم: أنَّ الكسوفَ لم يقع في عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلا مرَّةً واحدةً، ولما صلَّي قام فخطب الناس عليه الصلاة والسلام، فذهب بعض العلماءِ إلى أنَّها من الخطب الرَّاتبةِ، وقال: إنَّ الأصل أنَّ ما شرعَه النَّبيُّ صلي الله عليه وسلم فهو ثابتٌ مستقرٌّ، ولم يقعِ الكسوفُ مرَّةً أخرى فيترك النبي صلي الله عليه وسلم الخطبة، حتى نقول إنَّها من الخطب العارضة.

 وقال بعضُ العلماءِ: بل هي من الخُطبِ العارضة، التي إنْ كان لها ما يدعو إلها خطب وإلا فلا، ولكن الأقرب أنَّها من الخطب الراتبة، وأنَّه يُسنُّ للإنسان إذا صلي صلاة الكسوف أن يقوم فيخطب الناس ويذكرهم ويخوفكم كما فعل النبي صلي الله عليه وسلم.

 أمَّا الخطب العارضة فهي التي يخطبها عند الحاجة إليها، مثل خطبته صلي الله عليه وسلم حينما اشترط أهل بريرة - وهي جارية اشترتها عائشةُ رضي الله عنها - فاشترط أهلها أن يكون الولاء لهم، ولكن عائشة - رضي الله عنها - لم تقبل بذلك، فأخبرتِ النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: «خُذِيها فأعتقِيها، واشترطِي لهم الولاءَ»، ثم قام فخطب الناس وأخبرهم: أنَّ «الولاءَ لمن اعتق».

 وكذلك خطبته حين شفَع أسامة بن زيد - رضي الله عنه - في المرأة المخزومية، التي كانت تستعيرُ المتاع فتجحده، فأمر النبي صلي الله عليه وسلم أنْ تقطع يدها، فأهمَّ قريشًا شأنها، فطلبوا من يشفعْ لها إلى الرسول صلي الله عليه وسلم، فطلبوا من أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أن يشفع، فشفع، ولكن النبي صلي الله عليه وسلم قال له: «أتشْفعُ في حَدٍّ من حدودِ اللهِ»، ثم قام فخطب الناس وأخبرهم أنَّ الذي أهلك من كان قبلنا أنَّهم كانوا إذا سرَق فيهم الشَّريفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الوضيعُ أقاموا عليه الحدَّ.

 وفي حجة الوداع خطب النبي صلي الله عليه وسلم يوم عرفة، وخطب يوم النحر، ووعظ الناس وذكَّرهم، وهذه خطبةٌ من الخُطب الرَّواتب التي يُسنُّ لقائدِ الحجيج أن يخطب الناس كما خطبهم النبي صلي الله عليه وسلم، وكان من جملة ما ذكر في خطبته في حجة الوداع، أنَّه قال: «يَا أيُّها الناس اتَّقوا ربَّكُم»، وهذه كقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ» [النساء: من الآية 1، فأمر الرسول صلي الله عليه وسلم الناسَ جميعًا أنْ يتَّقوا ربَّهم الذي خلقهم، وأمَّدهم بنعمِهِ، وأعدَّهم لقبولِ رسالاتِه، فأمرهم أن يتَّقوا الله.

يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115