واحة رمضان: الصوم والصبر

ومن رحمة الله عز وجل بعباده أن أرسل لهم رسولا يزكي نفوسهم ويهذبها من تلك الشرور والأخلاق الرديئة, قال الله عز وجل:

« كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ما لم تكونوا تعلمون « البقرة:151 قال العلامة السعدي رحمه الله: « يزكيكم» أي: يطهر أخلاقكم ونفوسكم, بتربيتها على الأخلاق الجميلة, وتنزيها عن الأخلاق الرذيلة.
والناس بما جاءت به الرسل من تزكية النفوس على قسمين:

القسم الأول: قسم ظفروا بأنفسهم, فقهروها فصارت طوعاً لهم مُنقادةً لأوامرهم.

فهؤلاء عليهم أن يشكروا الله على نعمته, فتزكية النفوس من فضل الله ورحمته, يُزكي من شاء من عباده, قال الله سبحانه وتعالى : « ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحداً أبداً ولكن الله يُزكي من يشاء والله سميع عليم « النور:21 وينبغي لهم أن لا يظهروا ذلك أمام الناس, فذلك غير نافع لهم, فالله هو المطلع على ما في النفوس, وهو الذي سيجازي من تزكى, وليس الناس, قال عز وجل: « فلا تزكوا أنفسكم هو أعلمُ بمن اتقى « النجم:32

القسم الثاني:  من ظفرت به نفسه, فملكته وأهلكته, وصار طوعاً لها تحت أوامرها.
فهؤلاء بحاجة ماسة لتزكية نفوسهم حتى لا يهلكوا, لأن نفوسهم إذا لم تتطهر من عيوبها وآفاتها مرضت, وأمراض النفوس أشدُّ من أمراض الأجساد, وما يعيشه كثير من الناس من الآم نفسية, وأحزان وهموم, وقلق, وخوف, واضطراب, من أسباب ذلك الغفلة عن تزكية النفوس, فالمسلم يحتاج لتزكية نفسه, حتى يرضى عنه خالقه, ويسعد في نفسه, ويرتاح مع الآخرين.

وأكبر معين على تزكية النفس بعد توفيق الله عز وجل: طاعة الله, وترك الذنوب, وهذا يحتاج إلى مجاهدة وصبر, وشهر رمضان شهر الصبر, فالصيام من الصبر, قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله عز وجل, وصبر عن محارم الله, وصبر على أقدار الله المؤلمة, وتجتمع الثلاثة كلها في الصوم فإن فيه صبراً على طاعة الله وصبراً عمَّا حرم الله على الصائم من الشهوات وصبراً على ما يحصل للصائم فيه من ألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن.

فشهر رمضان فرصة سانحة لمن أراد أن يزكي نفسه, فصبره طوال ساعات النهار عن شهوات نفسه الحسية, يعطيه دافعا لتزكيتها, فالصيام أكبر معين بعد توفيق الله على تزكية النفوس, قال سبحانه وتعالى: « يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون « البقرة:183 قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يقول الله تعالى مخاطباً للمؤمنين من هذه الأمة وآمراً لهم بالصيام...لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115