هويتنا الدينيّة: الحركة الإصلاحية تؤسس وعيا جديدا في جامع الزيتونة (1)

تابعت النُخب الدينية في تونس بتأثـّر بالغ الحركة الإصلاحية السلفية، التي تزعّمها الشيخ جمال الدين الأفغاني وتلميذه الشيخ محمّد عبده،

الذي بثّ أفكاره في تونس خلال زيارتين أداّهما إليها: الأولى كانت خاصة، ودامت من يوم 6 ديسمبر 1884 م إلى غاية يوم 4 جانفي 1885 م، وأعلن خلالها تعجـّبه من «أن تكون الزيتونة في هذا المجال متقدمة على الأزهر».
وقد تجنّب خلالها محمّد عبده الخطابة في المنابر العامة حتى لا يجرّ على مُضيّفيه مُلاحقات إدارة الحماية ومُضايقتها مُكتفيا بالاتـّصال بالملك علي باي وبرجال حاشيته وبالأعيان وبالنخب الإصلاحية في بيوتهم وخاض في شؤون الساسة الحاضرة».
أمّا الزيارة الثانية فقد مثـّلت حدثا في تونس، أرّخت له جريدة «الحاضرة».

ذلك أنّ الزيارة الأولى وطّدت الودّ بين محمّد عبده وبين شيوخ الإصلاح في تونس، على غرار الشيخين سالم بوحاجب ومحمّد النخلي اللذين كثرت مراسلاتهما مع الشيخ عبده.
 وأثناء زيارته الثانية إلى تونس، (من 9 إلى 22 سبتمبر 1903 م ) أجرى محمّد عبده «اتصالات رسمية وغير رسمية، وأُقيمت له مآدب شرف، وأُلقيت الخُطب والقصائد احتفاء بقدومه، وانتصب هو بدوره محاضرا على منبر الجمعية الخلدونية عشية 20 سبتمبر 1903».

ولم يتردّد عبد العزيز الثعالبي – وهو في ذروة شبابه وحماسته الفكرية – في مُناصبة العداء لشيوخ الزيتونة، بآعتبارهم يُمثـّلون، من منظوره – نموذجا حيّا للـ ـ«ناقمين على التطوّر» وقد أفردهم بمقالة في  «مجلّة» المنار، لصاحبها الشيخ رشيد رضا، وجاءت هذه المقالة في شكل رسالة بعنوان «من صديق إلى صديق»، تستـّر فيها عن اسمه ، ومما جاء فيها من استهجان لمشايخ الزيتونة قوله إنهم «جاهلون مُتكبرون متغابنون متغابون وهم آلهتنا حديثهم بطونهم وتدقيقاتهم ومباحثاتهم، خاصة بعجائب التكايا وكرامات القبور وعلمهم كعلم آلهة الأشوريين لا يزيد ولا ينقص ولا يتجدد ولا ينعدم، وهو محصور في تصريف أكل يأكل أكلا..».

و قد أيقظت  مجلّة «العروى الوثقى» للأفغاني ومحمّد عبده عقول مشايخ الزيتونة وطلبتها، فآقتفوا أثرهما حاثين «التونسيين على النهوض، لاسترجاع المجد الضائع وتحطيم قيود الذلّ والتعلـّق بأسباب الحياة والحضارة…( وكانت ) هذه الدعوة صريحة في أشعار محمّد الشاذلي خزنه دار وصالح السويسي ومحمّد الفائز القيرواني وسعيد أبي بكر والهادي المدني وأبي القاسم الشابي والطاهر الحداد وغيرهم وفي عديد من المقالات الصحفية في الثـُلث الأوّل لهذا القرن» ...

..يتبع .. منقول من محاضرة بعنوان «الحركة الإصلاحية والتعليم الزيتوني: للدكتور الصحبي بن منصور.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115