وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ « سورة البقرة: 177.
« والبِرّ سعة الإحسان وشدّة المرضاة والخير الكامل الشامل» ليس في البحث عن قبلة من هي الأصحّ و لا دين من هو الأوثق ..فالأديان وإن اختلفت قبلات الصلوات فإنّها جاءت للإنسانيّة ..
البرّ إيمان قلبي لكنّه فعل ونفع ..ويتمظهر في الأمور المالية قال الله»وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ»، حب المال غريزة في النفوس: «وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً»، «وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ»، ولكن هؤلاء مع حبّهم لهذا المال إلاّ أن حب هذا المال لم يحُل بينهم وبين الفضائل والأعمال الصالحة والإنفاق في وجوه الخير، فلهذا قال الله: «وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ»، مع محبته الشديدة للمال؛ لكن تغلّب على تلك المحبة بالإيمان واليقين ورجاء ما عند الله من الثواب للمنفقين. «من أنفق محبوبه؛ وجد مطلوبه»
وكذلك الصبر في البأساء والضراء وحين البأس، المسلم ذو صبر في ضرائه وسرائه وحين البأس، صابر محتسب في البأساء والضراء، لا ينهزم ولا يضعف ولا يسخط؛ بل يبذل السبب ويصبر على القضاء والقدر وينتظر فرج الله»فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً» ، «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً».
ثم قال»أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ»، فإن هذا الدين دين كمال وشرف، دين حياة وآخرة، دين إصلاح الفردي والمجتمع، دين صدق ووفاء لم يطلب من الإنسان وحده فقط في عبادته؛ بل طالب المسلم بأن يكون عضوًا صالحًا في مجتمعه يعين على الخير كله فقال: «أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا» أي: هؤلاء الذين أتوا بأنواع البر هم الصادقون المتقون لله، إذ الإيمان أقوال وأعمال: «ليس الإيمان بالتحلّي ولا بالتمنّي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال»، صدقوا في إسلامهم، صدقوا في إيمانهم، صدقوا في التزامهم، صدقوا فطبقوا شرع الله على واقع حياتهم.
يتبع