كالإبر المغذيّة – الزريقة - ونحوها مما يكتفى به عن الأكل والشرب:
فإذا تناول الصائم مثل هذه الإبر فإنه يفطر، لأنها وإن لم تكن أكلاً وشرباً حقيقة إلا أنها بمعناهما، فيثبت لها حكم الأكل والشرب، وأما الإبر غير المغذيّة فإنها لا تفطر سواء تناولها عن طريق العضلات، أو عن طريق الوريد، لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعناهما، فلا يثبت لها حكمهما.
• رابعًا: التقيؤ عمْداً:
وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم، إذا تعمد الصائم فِعْل ذلك، وأما إن غلبه القيء وخرج من غير إرادته فلا قضاء عليه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض» رواه أحمد وأبو داود، ومعنى ذرعه: سبقه وغلبه في الخروج.
وسواء كان التعمد بالفعل كعصر بطنه وإدخال أصبعه في حلقه، أو بالشم كأن يشم شيئاً ليقيء به، أو بالنظر كأن يتعمد النظر إلى شيء ليقيء فإنه يفطر بذلك كله.
• خامسًا: خروج دم الحيض والنفاس:
لقوله صلى الله عليه وسلم في المرأة: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم» رواه البخاري. وقد أجمع أهل العلم على أن خروج دم الحيض أو النفاس مفسد للصوم.
فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها سواء كان ذلك في أول النهار أم في آخره، ولو قبل الغروب بلحظة، وأما إن أحسَّت بانتقال الدم، ولم يبرز إلا بعد الغروب، فصيامها صحيح، لأن مدار الأمر على خروج الدم.
• سادسًا: إنزال المني باختياره:
فمن قبَّل أو لمس، أو استمنى حتى أنزل فإن صومه يفسد، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» رواه أحمد، وخروج المني من الشهوة التي لا يتحقق الصوم إلا باجتنابها، فإن قصد إليها بفعل ما، لم يكن تاركًا لشهوته، وبالتالي لم يحقق وصف الصائم الذي جاء في الحديث.أما إن كان إنزال المني عن غير قصد، ولا استدعاء، كاحتلام، أو تفكير، أو نتيجة تعب وإرهاق، فلا يؤثر ذلك على الصوم.
• سابعًا: خروج الدم:
ما كان في معنى الحجامة كسحب الدم الكثير للتبرع وما أشبه ذلك؛ لأنه يؤثر في البدن كتأثير الحجامة.وأما خروج الدم بالرعاف أو الجرح أو قلع السن أو شق الجرح، أو أخذ دم قليل للتحليل، فلا يفطر به الصائم، لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها، فلا يؤثر في البدن كتأثيرها.
ومما ينبغي أن يُعْلم في هذا الباب أن هذه المفسدات - غير الحيض والنفاس - لا يفطر الصائم بشيء منها إلا إذا كان عالماً ذاكراً مختاراً، فإن كان جاهلا بالحكم فلا يفطر، ولا يفطر كذلك إذا كان جاهلا بالحال، كأن يظن أن الفجر لم يطلع فيأكل أو يشرب مع أنه قد طلع، أو يغلب على ظنه أن الشمس قد غربت، فيأكل وهي لم تغرب بعد.
وكذلك لا يفطر إن نسي أنه صائم لقوله عليـه الصـلاة والسلام: «من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» متفق عليه.
لكن عليه أن يمسك حال التذكر، ويخرج ما في فمه من الطعام والشراب، وعلى من رآه يأكل أو يشرب أن يذكره وينبهه.
وكذلك لا يفطر إذا كان مُكْرَهاً على ارتكاب شيء من هذه المفطرات، ولا قضاء عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكْرِهوا عليه» رواه ابن ماجه.