الأخلاقيات: العطاء.. عبادة الأجر العظيم (1)

عندما نتأمّل مفهوم العطاء في الإسلام؛ فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو مواقف الكرم والنبل التي ميزت حياة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ,

ولم لا وهو من امتدحه ربه سبحانه وتعالى بقوله «وإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» القلم: 4.

وقد تعددت مكارم أخلاق نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم من أمانة وصدق ورحمة وبذل وعطاء إلى غير ذلك من خصاله الشريفة؛ وبالرغم من ذلك لا يزال الحاقدون ينفثون شرورهم بغية النيل منه إلا أن مساعيهم دائمًا ما تذهب سدى وكأنها ليست إلا نقطة حبر ضحلة أرادت تلوين بحر صاف يترقرق ماؤه النقي ليغسل الأيام .
ولنبحر قليلاً نحن أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة طالما لازمت نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم طوال حياته وحتى مماته؛ وهي صفة الكرم والجود؛ فلم يكن كرمه وسخاؤه بذلاً عاديًا وإنما كان فياضًا؛ لا ينفق فقط ما يزيد عن حاجته وإنما يتصدق حتى بما هو في حاجة إليه؛ حتى عرف عنه أنه لا يرد سائلا وأنه يعطي عطاء من لا يخاف فقرًا.
وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقتدي به وأن يتصدق كلٍ من سعته، وأوصى أمته بالإنفاق وذم البخل والشح؛ حيث قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا» البخاري.

وقد يتخيل البعض أن عطاء النبي صلّى الله عليه وسلم كان فقط لذوي القربي والمحبين والمناصرين - وإن كانوا الأولى بالمعروف ابتداء - لكن عطاء النبي ونبله امتد ليشمل حتى أعداءه؛ فقد وصفته أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- بقولها : « إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق».
وليس أعظم من ذلك وصفًا ، بل يكفي المرء صفة واحدة من هذه الصفات ليكون ذا منزلة رفيعة في قومه؛ لقد كان النبي يقدم لأصحابه ولأمته كافة نموذجًا في الإيثار؛ فكان يؤثر على نفسه حتى وإن كانت به حاجة وخصاصة؛ ورد عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-، أنه قال: جاءت امرأة إلى النبي ببردة فقالت: يا رسول الله، أكسوك هذه. فأخذها النبي محتاجًا إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه فاكسنيها. فقال: «نَعَمْ». فلما قام النبي لامَ أصحابه الرجل، قالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي أخذها محتاجًا إليها، ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يُسأل شيئًا فيمنعه. فقال: رجوتُ بركتها حين لبسها النبي؛ لعلِّي أكفَّن فيها « البخاري.

يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115