وكان منها ما اختصهم به من خصائص، وفضائل، ومن هذه الخصائص العظيم: شهر رمضان المبارك؛ الذي جاء في فضله نصوص كثيرة من كتاب الله وسنة رسول الله ؛ ومن هذه الفضائل أن الله -سبحانه- جعل فيه للصائم دعوة مستجابة عند فطره وذلك في كل يوم من أيام صيامه فرضًا كان أو نفلًا.
فلنتأمّل – قوله – جل جلاله « وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ «البقرة:186، ولم يقل بعد قوله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فقل لهم، أو فقل، بل حذف ذلك؛ مما يدل على سرعة إجابته لدعاء عبده المؤمن؛ بخلاف الآيات التي فيها سؤال للنبي من الصحابة أو من غيرهم كسؤالهم عن الأهلة؛ فقد قال الله -تعالى-: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ «البقرة:189، فأتى بقل، وهكذا في كل آية فيها سؤال للنبي – صلى الله عليه وسلم – يأتي في الجواب: قُلْ، بخلاف آية الدعاء فهي الوحيدة في القرآن التي لم يأت فيها قُلْ وفي ذلك أسرار لعلنا قد ذكرنا بعضها -والله أعلم بمراده-، والمؤمن إذا دعا الله من قلب صادق، وتوفر في دعائه شروط إجابة الدعاء، وانتفت الموانع من ذلك؛ استجاب الله
الدعاء؛ لأن الله -سبحانه- قد وعد بأن يجيب الدعاء، ووعده صدق وحق لا مرية فيه» وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلًا «النساء:122 «، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا «النساء:87؛ يقول الله –سبحانه»: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «غافر:60 وهذا المؤمن الصادق في إيمانه، الخليفة الثاني عمر -رضي الله عنه- يقول: «إني لا أحمل هَمَّ الإجابة، ولكن أحملُ هَمَّ الدعاء، فإذا وُفِّقْتُ للدعاء جاءت الإجابة» اقتضاء الصراط المستقيم:2/ 706 ، وهي ثقة أكيدة، بأن الله سيجيب دعاء من دعاه، لكن الهمَّ الذي يحمله هو همُّ التوفيق للدعاء؛ فعلى المؤمن اللبيب أن يستغل ذلك الوقت الفاضل في الدعاء، ، فناج ربك، واسأل مولاك من بيده خزائن الأرض والسماوات، اسأل ربك وأنت في تلك الحال قد ضمرت أحشاؤك، وخوت أمعاؤك، وجفت شفتاك، وخشع قلبك، وانكسرت نفسك، فيجيبك ربك، ويعطيك سؤلك، ويحقق مرادك.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.