علي بن لسود المرزوقي: الشاعر «النبي» يرثي نفسه على الركح

شاعر الصحراء، صوت دوز، صوت الحالمين والكادحين، الشاعر علي بن لسود المرزوقي ذلك الشهم الشامخ كما الجبل،

في الفيلم يحضر بقوة امّا من خلال شعره او ما قاله فيه الاصدقاء وأبناء المدينة فهو «بحر يدفر قافية واوزان» كما يصف نفسه، علي بن لسود المرزوقي يصفه رفيق العمر والصغر والفكرة والشعر صديقه سالم بن العمران «اني علي نعرفه قبل الشعر» ويقول له اثناء مرضه «الريح القوي يقلب نخل بعروقه، وامّا الجبل تسمع وزيزه من فوق» اي انّ صديقه كما الجبل.

علي لسود المزوقي حضر في الفيلم لانّه صوّر قبل وفاته، شاعر متمرّد، في دوز يقولون انّ سبب ابعاده عن المحافل والمهرجان هو لسانه السليط لأنه صريح ولا يجامل، الشاعر تغزّل بلسانه في اول عودة لركح دار الثقافة بعد 33عام من الابعاد وقال:

«لساني زيّ العسل فجباحه
ولاهو لسان قباحه الي خالقه خلقه لسان صراحه
لساني عسل مطّر لكن اذا شاف الخطر يخطّر
يضرب ولا ايكبكب رزين سلاحه
حلو لساني في اللفظ والميزان
اني توبتي للذيب والمذايب للموت ما يشوفوش مني راحة»

قصيد يصف سلاطة لسانه قبالة الظلم، فالشاعر عرف بدفاعه الشرس عن وطنه، شاعر ثائر قصائده اكثر قسوة من الرصاص أحيانا.
في الفيلم تتبع الكاميرا خطاوي حروف علي بن لسود المرزوقي، تتبع مرضه وتقترب اكثر الى ابنه أيوب وهو يستجديه النهوض من فراش المرض فيقول:

«يا سيد في عيون قبيله وعرش
نط بالحياه خلي الشقا للفرش
ميجيش تو تسلم يا علم في اصول الحياة تعلم
يا نور ساطع
لولاه شكل الارض ماتكورش
يا صوت كلّ جواعه
يا سند للي كاثرات ضلاعه
يا سيف لا يصدي وما يدمرش
مازلت مستهدف رقاب خناعه
الي قايضو عرض الوطن بالكرش».

في الفيلم تقترب الكاميرا من الشاعر الراحل، تقتفي أثره الشعري وتلامس نبوغه، فعلي لسود المرزوقي شاهد موته أمام عينيه وكتب فيه قصيدة، شاعر بمرتبة «نبيّ» تتميز قصائده بالتكثيف في المطلع لان المطلع ملخص القصيد، كما أن صوره الشعرية ضاربة في المحلية فتجده يقول «طيب وفقري والعيون عمو، وحبلي بدا عالتو» وهذه الصورة جد عميقة لأن كلمة «الحبل» تعني العمر، والحبل يتكون من «3 توي» تٌطفر ليشتد الحبل ويكون قويا ولكن «حبلي بدا عالتو» معناه ان ظلّ «تو» وحيد من ثلاثة، أي لم يبق في العمر الكثير كما استشرف الشاعر الذي قال القصيد قبل الخضوع الى عملية جراحية توفي بعدها، هذا الشاعر الانسان والقلم الفريد والفكر المختلف، رثى نفسه على الركح، تأنق ولبس البرنس التقليدي وتزين وصعد الركح وقال للجمهور الكثيف:«سأقرأ مرثيتي، نعظم في الأجر يا ناس» وقال:

«أنا متت يجعلها البراكة فيكم
منيش تنوصيكم قولو علي كيف ما يواتيكم
قولو صار سخي قلب
يدّمروا رجليه ويوقيكم (يضحي بنفسه لاجل ابناء مدينته ووطنه)
غير اقطروها جرايري تنبيكم (اقتفوا اثري لتعلموا مسيرتي)
كان بحر يدفر قافيته واوزانه
واليوم فسط القبر والدفّان
زي لا مشي لا جي لا محاكيكم
كان فريد
واليوم مات الجدّ والتجديد
واجب علي في تنعزيكم».

هذه المرثية كانت اخر ماقاله شاعر الصحراء، رثى نفسه قبل موته وقبل خضوعه للعملية ويواصل الفيلم تقفي خطوات الحرف فيعرف المتفرج ان صديقه سالم بن العمران عجز عن رثائه «صعب علي، ضعفت، ما قدرتش نرثيه، اش تنقليه» وبعد قرابة العامين من رحيله تمكن ابنه الشاعر ايوب بن علي لسود المرزوقي من نفث الكلمات الرثائية في «سنده» «عامين صايم ما كتبتش حرف، لا بخلت لا بطلت لا هو بكيفي، عامين نلعن في الحروف الحرف، وهن ساكنات الحلق ومكاتيف، الله يرحمه الي في قرى ورى، نجي في رحيله ينصدم خزاني، حروف باكمة ما قادرة تتبرى»، بعد أن هجره الشعر وجافته الكلمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115