يكتب عرض آخر وبحث جديد في هذا النمط الموسيقي المختلف، موسيقى اختصّ فيها وقدم فيها الكثير والانجاز هذه المرة اسمه «المجاذيب» عرض راقص قدمه قطب الباليه والفنون الكوريغرافية لمسرح الاوبرا واحتضن العرض مسرح المبدعين الشبان.
و»مجاذيب» جمع المجذوب، وهو المنغمس في حضرة الذات الإلهية والمنعزل عن العالم الذي سيسافر بروحه إلى مكان آخر، والجذب بالعودة الى التراث ما يحدث إبان «الزردة» وهي الاحتفاء بأحد الأولياء وخلالها يطبخ الكسكسي وترتفع إيقاعات الطبل أو البندير والشقاشق وتحدث هالة انسجام بين الراقص والموسيقى إلى حدّ الشعور بانفصال الروح عن الجسد.
انطلق العرض الذي ميّزته أنغام «المجاذيب» والذي قدّم بشكل حيّ للجمهور الحاضر مع خلفيّة فيديو مابينغ بمرافقة صوت الراوي الذي دندن كلمات الشعر الشارع التونسي على طريقة الحكواتي المعروف عبد العزيز العروي، رافقه سجع السلاسل ورنين الأصفاد قبل أن تعتلي الركح شخصيّات «بوسعدية» أو مجنون سعدية، شخصية تراثية تشير إلى أحد ملوك إفريقيا الذي اختُطفت ابنته سعدية و تم ترحيلها إلى سوق العبيد فهام في المدن البعيدة مرتديا ذلك القناع الشهير في الموروث التونسي..
ويأتي ميلاد السطمبالي تطهيرا روحيا من قرقعة سلاسل العبودية التي رافقت رحلة السود والأحباش إلى أسواق النخاسة، هؤلاء الذين طرقوا سلاسل الحديد ورافقوا الإيقاع بهمهمات تفيض ألما وغضبا.
أما الجزء الثاني من العرض فكان مع شخصيّتي «عكاشة» و«شيخ البلوط» من خلال عيساوية البلوط، وهي تجربة فنية كانت بالنسبة للمشاركين في العرض.
الشيخ، هو الشخصية المحوريّة لعيساوية البلوط، فجميع الأغنيات الهزلية تتحدث عنه وكأننا بأعضاء هذه الفرقة أرادوا أن يزيحوا هالة القداسة عن هذه الشخصية الحاضرة بقوة في المخيال الشعبي التونسي ويحوّلوها إلى موضوع هزليّ فقط. يرتدي أعضاء عيساوية البلوط لباسا أقرب إلى لباس المهرّجين في السرك، طرابيش ذات ألوان وأحجام مختلفة، جُبة وازياء بأكمام واسعة والوان زاهية الازرق والاحمر والزهري ، وأحذية طويلة، كما يرتدي بعضهم لحًى من الصوف تشبه «لحية بابا نويل».
ومن الأغاني الأكثر شهرة لعيساوية البلوط والتي تمّ بثها في نهاية العرض تقول كلماتها:
الشيخ شاهي فطور
قصعة وعليها ثور
دلاع باني سور
ومدافعو بطيخ
يا شيخ يا مرنيخ
خلي لولاد تشيخ
وفي كلمة لكريم التوايمة اكد ان العرض نتيجة عام من عمل مختبر الشباب للباليه التونسي الجديد وهو اعادة كتابة لموسيقى السطمبالي وكتابة تاريخ «المجاذيب» والعرض غاص في الجانب الثقافي وليس الاجتماعي ومن ميزاته تماهي الرقص مع تقنية المابيغ، واشار ان هناك بحثا على مستوى الملابس والحركات وتقنيات الصوت والمابينغ.
موسيقى المجاذيب واهازيجهم، تجربة اخرى يقدمها قطب البالي والفنون الكوريغرافية، بحث فني جديد في الموسيقى التونسية بكل تلويناتها واختلافاتها، هي رحلة فنية يخوضها مبدعون يؤمنون بقدرة الجسد على التعبير وقدرته على ايصال شيفرات ورسائل ربما تعجز الكلمات عن التوغّل في معانيها وسيكون العرض الثاني للمجاذيب يوم 28مارس في قاعة الفن الرابع بالعاصمة.
«المجاذيب» في المدينة: الموسيقى وسيلة لقراءة التاريخ
- بقلم المغرب الثقافي
- 09:05 26/02/2020
- 1270 عدد المشاهدات
تتواصل رحلة البحث والإبداع، يتواصل بحث كريم توايمة في موسيقى السطمبالي والكشف عن كنوز موسيقية مطمورة، ذلك العاشق للسطمبالي ولموسيقى الاصفاد وإيقاعات الحرية