أسبوع أفلام المقاومة والتحرير: أنقذوا السينما من أدلجة السياسة

شعارات رنانة، كلمات مؤثرة، سينما المقاومة والتحرير هذا هو اسم المهرجان الذي تحتضنه المكتبة السينيمائية

من 20 الى 26 جانفي، منذ العنوان يفهم المتفرج انه على موعد مع السينما المقاومة لكل اشكال الاستبداد والحيف والتمييز.

منذ حفل الافتتاح حضرت رائحة السياسة وغاب شذى السينما، حفل حضرته وجوه سياسية عديدة تنتمي الى تيارات حزبية مختلفة، «تشكيلة» متنوعة من انتماءات واحزاب وشخصيات هي ابعد ما يكون عن السينما (باستثناء الممثل علي بنور المنتمي الى السينما قبل السياسة)، جميعهم حضروا حفل الافتتاح ببدلة انيقة وجبة اكثر اناقة (جبة عبد الفتاح مورو) ليشكلوا جمهور الحفل الافتتاحي الذي كان سياسيا بامتياز.

في حفل الافتتاح اغلب الكلمات الترحيبية التي قالها ممثل جمعية رسالات اللبنانية التي نظمت المهرجان مع المكتبة السينمائية للإشادة بالمقاومة العربية والاسلامية وتتغنى بالعروبة وتؤكد انّ وجب الوحدة لان الاخر الغربي يريد ان يزرع فينا الجمود وعدم الدفاع عن الهوية، شعارات حزبية رنّانة صفق لها السياسيون ولكنها لم تجد صداها عند القليل من جمهور السينما الذي اقبل لمشاهدة الافلام، منذ اليوم الافتتاحي فاحت رائحة السياسة وانتشرت في كامل الفضاء (خاصة وانّ جمعية رسالات للفنون جمعية كثيرا ما نظمت التظاهرات الثقافية ونشرت الاناشيد التي تتغنى بحزب الله وحسن نصر الله؟؟)

اليوم الثاني كانت فيه ندوة بعنوان «سينما المقاومة بين الذاكرة والمستقبل» ندوة بدت سياسية اكثر منها سينمائية، ندوة وقعت الإشادة فيها فقط بالافلام التي تدعو الى ضرورة محاربة «الكيان الصهيوني»، والسيد علي خزاعي مدير مهرجان سينما المقاومة بطهران تحدث واستفاض في الحديث عن الثورة الاسلامية الايرانية التي نتج عنها ما يتجاوز 4000 فيلم جميعها تقاوم الاحتلال الاسرائيلي؟ مؤكدا انّ السينما الايرانية تؤرخ للذاكرة المرتبطة بالثورة ، وفي كلمته اشار إلى انه لا يمكن حصر الافلام المقاومة للصهيونية في المجال العربي والايراني؟ كلمته وكلمات المتدخلين باتت مهرجانا يشيد بايران وسياستها وثورتها الاسلامية، مهرجان خطابة ترحموا فيه على روح «الشهيد سليماني» كما نعتوه، حديث من الهنا واشادة بايران من الهناك وكانّنا في حضرة «ايران» ولسنا في قاعة «صوفية القلي» الموجودة في «مدينة الثقافة» التونسية، ومن يستمع للحديث والكلمات دون معرفة المكان سيشعر انّه في «المركز الثقافي الايراني» الم يكن من الاجدر ان يكون المركز الايراني فضاء لتلك الندوة ام وجب ادخال مؤسسة ثقافية وطنية في ايديولوجيات ايران تحت غطاء «سينما المقاومة» التي يمارس فيها «المنتجون حالة الجهاد والمقاوةمة» حسب تعبيره.

في الندوة ذاتها وفي كلمته تحدث ممثل جمعية رسالات عن « الة ضخمة غربية تعمل على طي الجيل الجديد حتى يتوقف عن المطالبة بحقوقه» وهنا يمكن طرح سؤال هل أن المقاومة تلخص في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي؟ الا توجد مفاهيم اخرى للمقاومة؟ اليست السينما الرافضة لظلم النظام واستبداده مقاومة؟ اليست السينما المنحازة للانسان «مقاومة؟ ام انّ «السياسة السينمائية الايرانية تريد حصر خانة المقاومة في مقاومة الكيان الصهيوني واليوم داعش؟ كما شاهدنا في فيلم «رحلة الشام 2701 اخراج ابراهيم حاتمي كيا».

في اسبوع الافلام المقاومة والتحرير قالوا انّهم «رفضنا الافلام المؤسساتية» في المقابل وفي قراءة سريعة للافلام المشاركة خاصة السورية منها نجد فيلم الافتتاح «دمشق حلب» لباسل الخطيب وفيلم «مطر حمص» لجود سعيد افلام بدعم المؤسسة العامة للسينما افلام منذ صدورها واجهت نقدا شديدا لانّها تدافع عن النظام وتقول ان الخراب الذي حدث في البلاد مصدره فقط «داعش» والمتمردين» دون الاشارة الى جرائم النظام ومشاركته في حالة الخراب والقصف ايضا.

في «اسبوع افلام المقاومة والتحرير» يلاحظ الوجود السياسي المكثف والادلجة المخفية خلف «السينما» والكاميرا، اسبوع كانه دعوة لسيادة ايران وانخراط في سياستها (هكذا تقول الشعارات والخطابات) حتى الافلام التونسية المشاركة كانت بدعم من «الجزيرة الوثائقية» والمتفرج التونسي يعرف جيدا سياسة قناة الجزيرة وما نشرته في تونس من «إشاعات» أثناء الثورة وبعدها فهل أن هذه الادلجة عن «حسن نية» ام هي محاولة اختراق للتونسيين عن طريق السينما والثقافة؟

هل يمكن حصر خانة السينما المقاومة في افلام ضد «اسرائيل» الا يوجد نوع آخر من أفلام المقاومة ومحاور اخرى حتى لا تبدو الحكاية وكأنها «مركبة» كقطع «بوزل» مختلفة وغير متناسقة، اسبوع من السينما هو أيضا نشر لمواقف سياسية معينة فيا اهل الثقافة أنقذوا الثقافة من الادلجة واتركوا الفضاء العمومي فضاء يجمع كل الافكار ولا ينتصر لاّي دولة او نظام آخر بل ينتصر فقط لتونس الديمقراطية والتعددية فمدينة الثقافة فضاء لنشر ثقافة الحياة لا للدعوة لسياسات خارجية وانظمة سياسية اخرى تريد اقتحام المواطن باسم الفن.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115