افتتاح الدورة الواحدة والأربعين للمهرجان الدولي للواحات بتوزر: عرض «حديث الواحة» اخراج عروسي الزبيدي ويوسف البقلوطي

يا توزر الجميلة جئناك عشاق محملين بأحلام نريدها ان تتحقق جئناك محملين بمشاعر العطش للهدوء ولموسيقى الطبيعة التي تعزفها النخيل،

جئناك عشاق لشدو الحياة وسيمفونية الصمت في الواحة،جئناك نبحث عن تفاصيل المكان الذي ألهم الشعراء ليقولوا أجود الكلمات وأرقها وأكثرها اختراقا للقلب، جئناك نبحث عن تاريخ تكشفه الثقافة بكل تلويناتها بمناسبة الدورة الواحدة والاربعين للمهرجان الدولي للواحات بتوزر.

في توزر تبوح الواحة بقصصها، تتحدث الواحة عن تاريخها وعن تفاصيل الحياة البدوية، تؤكد دور المرأة الفارسة وقدرتها على تغيير موازين القوى في عرض فرجوي ملحمي جمع تلوينات فنية مختلفة فتماهت الموسيقى مع الشعر والمسرح لتقديم «حديث الواحة» وهو عرض فرجوي من إخراج العروسي الزببيدي ويوسف البقلوطي، عرض تجول في الذاكرة الجماعية والتاريخية التي تنطلق من شموخ النخلة.

للصحراء عشق كما حبيبات الرمال لا يحصى
باحت الصحراء بأسرارها فأنصتوا، استمعوا جيدا إلى تاريخ شفوي تحكيه الأغنية الغزلية والكلمة الممتعة، باحت الصحراء بقصص العشق والعلم وأخبرت الضيوف عن سرّ جمالها وكيف تأسر الزائر منذ الزيارة الأولى، تجملت الصحراء كعروس شامخة، تزينت بأبهى الألوان وأجملها لتخطف قلب زائرها، تكحلت وتعطرت بالتاريخ والشعر والأغنية لتينع في قلبه زهور الحب للمكان.

في ساحة المهرجان طريق دقاش تجمع عدد كبير من الجمهور لاكتشاف عرض «حديث الواحة» والإنصات إلى ما ستقوله الصحراء من قصص يجسدها الممثلون والفنانون الذين حولوا الذاكرة إلى عمل فرجوي ضخم، في ساحة المهرجان جاء المواطنون فرادى وجماعات لاكتشاف العرض فالجمهور الغفير يكشف ان سكان المدينة وضيوفها يقبلون على الفعل الإبداعي ويتذوقونه.

الفرسان في الخلف، تقف شامخة تحيي الناس، لباسهم ممتع، حركة الأحصنة كما نوتات الكمنجة محسوبة بكل دقة، إلى عوالم الصحراء وأهل البادية تكون رحلة العمل الفرجوي، فرقة موسيقية جمعت آلات وترية وشعبية مع ثلة من أمهر الأصوات وأجودها تغني وتقول الشعر في العرض الذي لامس تفاصيل الحياة البدوية والصراعات التي خاضها سكان المناطق الحدودية عبر التاريخ ليحافظوا على حياتهم وأرضهم وصحرائهم التي يرونها جنتهم على الأرض فالصحراء مثل الام وان قست تظل بهية بعيون اطفالها.

ثلاث خيم وضعت في الساحة، خيمة تجلس أمامها النساء وقد تحلين «بلحرام الجريدي» الموشى بالألوان، تتوسطهم الفرقة الموسيقية وجميعهم يلبسون البرنس التوزري ثمّ خيمة ثانية للنسوة أيضا وهن يمارسن بعض الحرف التقليدية مثل «الرحي» و»التقرديش» و«غزل الصوف» هي مهن تقليدية اندثرت وظلت فقط راسخة في الذاكرة الشعبية أراد العرض إحياءها والتعريف بها، والخيمة الثالثة جلس أمامها الرجال بلباس تقليدي فهم يحاكون حياة الصحراء منذ البدايات.

مع الشعر تبدأ الحكاية فتوزر ارض للكلمة الرقيقة والوصف الممتع، في توزر جادت قريحة الشابي بأعذب الصور الشعرية، ثمّ تدخل الفرسان الى الساحة لتنقل مشهد صراع بين قبيلتين، صراع لأجل فارسة جميلة، ينتهي بخسارة وجرحى وقتلى مع مشهد الموت تصبح الموسيقى كما أنين الأم الثكلى، فالموسيقى تنقل الوجع والشجن في عرض حديث الصحراء.

تطلب القبيلة العون من قبيلة أخرى من خلال الأزياء المختلفة يتضح أنهم من ليبيا غير البعيدة عن القرى الصحراوية الحدودية، مشهد يوثق للعلاقات المتينة بين الشعبين منذ القديم، في البطحاء تتواصل الفرجة واكتشاف الحياة الصحراوية في تناسق بين الشعر والمشاهد التمثيلية التي حملت المتفرج إلى الصحراء وتاريخها وكيف يعيش أهل البادية وعاداتهم وتقاليدهم في الزواج والمعاملات الاجتماعية والحروب والصراعات، مشاهد تخزنها الذاكرة الشفوية والأغاني أخرجها العروسي الزبيدي ويوسف البقلوطي من رحاب الكلمة إلى الفرجة لإمتاع الجمهور بالقليل من بوح الصحراء.

الصحراء انثى والمرأة شامخة كما الصحراء
الصحراء أنثى والقوة أنثى والفروسية أنثى والابتسامة أنثى ومن الأنثى تولد كل تلوينات المقامة وأشكال الأمل والإبداع، وفي حديث الصحراء ينتصر العمل للمرأة في الصحراء، ينتصر لكيانها ودورها في القبيلة والحياة العامة والحروب أيضا، فالمرأة الصحراوية حسب العمل متشبعة بقيم القوة والشهامة، من امتداد الصحراء تعلمت الشموخ فكانت غامضة وبهية مثل رمال الصحراء.

في حديث الصحراء تظهر المرأة جميلة شامخة، فهي الفارسة «ام الفوارس» لأجلها دارت الحروب والصراعات، امرأة تخوض الحرب صحبة الرجال، تصارعهم وتغلبهم، امرأة بقوة عشرة رجال وكم من امرأة بدوية ذكرتها الاغاني الشعبية وتغنت بقوتها وشموخها وبراعتها في الحرب.

في حديث الصحراء باحت الرمال بقصص الشامخات، تحدثت عن النساء اللواتي اثّرن في تاريخ القبائل والعلاقات بين قبيلة وأخرى، هنّ سلاح الثورة وهنّ سبب العزة والشموخ، في العرض الفرجوي تكون المرأة سيدة الأحداث من رحمها يولد الإنسان ومن قلبها تولد الشجاعة ومن عقلها تتشكل تفاصيل الحكمة فالمرأة الصحراوية تتشابه كثيرا والصحراء غامضة مثلها وممتلئة عشقا وهوى كما الصحراء وتأسر من ينظر إليها وتخطف كيانه تماما كأمّها الصحراء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115