درا الثقافة ابن رشيق: نزيلات سجن النساء في منوبة.. الموسيقى انطلاقة نحو الحرية

أصواتهنّ حرية، أحلامهن تتشكل وسط العبرات، لقاؤهنّ مع الجمهور لساعتين من الحرية ربما يكون حدا فاصلا في حياتهنّ،

لقاء امتعن فيه جمهورا اقبل بشغف لاكتشافهنّ واكتشاف ابداعاتهنّ لساعة من الزمن فعشنا جميعنا احساسا مخلوطا بالوجع والحلم، احساسا بالفرح المعكوس في ابتساماتهنّ مع عبرات على خدودهنّ هكذا كان المشهد في دار الثقافة ابن رشيق.

كان اللقاء مع اثنتي عشرة مبدعة من بنات نادي الموسيقى بالسجن المدني بمنوبة اللواتي قدمن حفلا فنيا مميزا ضمن فعاليات الاسبوع الثقافي الاول للوقاية من التعذيب الذي تنظمه الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والادارة العامة للسجون والاصلاح.

الموسيقى صوت للحرية
«زعمة النار تطفاشي ونبرى» ربما تنطفئ نيران السجن على الرّكح، ربما تخفت شرارة الوجع امام الموسيقى ، ربما تنطفئ نيران اللوعة كلما ارتفع الصوت بالغناء وناشد تلابيب الحرية وخاطب انسانية الانسان لمدة ساعة من الزمن.

ساعة من الشجن، ساعة من الموسيقى، ساعة من الحب، والاجمل سويعات من الحرية خارج اسوار السجن وقضبانه وجدرانه تمتعت بها بنات نادي الموسيقى بسجن منوبة، امام جمهور محترم العدد غنين، وزعن ابتسامات الشكر على الحضور ونظرات الاعتراف لاستاذهنّ اسكندر كرادة الذي علمهن أبجديات الغناء وترك لهنّ الحرية على الركح ليبدعن.

اثنتا عشرة سجينة مبدعة، بالوان تونسية جميلة تجلت في اللباس التقليدي الذي تزين به وهو من جمعية «هنّ»، البرنس التونسي بكل الوانه يشد انتباه المتفرج، ألوانهمن زاهية كحديقة تتشكل من اجمل الورود وبتصفيفات الشعر البسيطة كنّ كما الورود التي تفتحت على الركح لينتشر شذى الموسيقى في كامل المكان.

غنين وقدمن للجمهور اعذب الأغاني التي تراوحت بين العراقي والتونسي و الوطني، غنين كطفلات صغيرات يقفن امام أترابهنّ ويلاعبنهّن، غنين بشغف السجين الى الحرية غنين بلهفة المشتاق لرؤية ذويه واقربائه واصدقائه وملامستهم دون ذلك الحاجز البلوري في زيارات السجن.

امام جمهور جمع اطارات من المؤسسة السجنية وهيئة مكافحة التعذيب و جمهور يبحث عن الاكتشاف وآخر مغرم بالموسيقى وعائلات السجينات كان اللقاء الموسيقي الممتع، لقاء انطلق بموال عراقي ابدعت احدى السجينات في تقديمه ثم جاء الموعد مع الاغنية التونسية فغنين «زعمة النار تطفاشي» و«عالمقياس نغني» و «فراق غزالي» و«خالي بدلني» واغان تونسية الكلمة واللحن تفننت المبدعات في تقديمها وانسجمن مع الايقاع والكلمة فكن نجمات الحفل بامتياز.

اللقاء الممتع تواصل لساعة من الزمن، ساعة كانت فيها السجينات سيدات المكان، هنّ سيدات الركح قدمن ما يردن، تمايلن مع الموسيقى تبسمن، نظرن بكل الحب الى الحضور يعدن مقطعا من أغنية، كنّ صاحبات القرار ونحن الجمهور ضيوفهن ننتظر منهن المزيد من الموسيقى والمزيد من المتعة فتميزن واكدت اصواتهنّ ان الموسيقى صوت للحرية والجدران تعجز عن كتم الابداع او اخفائه فالايداع في السجن لا يفسد للابداع قضية.

نوادي الفنون في السجون فرصة للاصلاح
الموسيقى شدو الملائكة، وسيلة للمقاومة لنفض غبار الياس والقلق، الموسيقى عنوان للحرية والانعتاق هكذا كانت النوتات في ابن رشيق ترتفع تدريجيا لتخاطب الانسان فينا، الموسيقى مطيتهن ليبدعن وسيلتهمن ليتصالحن مع ذواتهن ويتمتعن بحقوقهن المدنية وان سلبن الحرية بحكم قضائي فنادي الموسيقى هو فرصة للاختلاف، فرصة السجينة لتعانق الحرية وتعيد ترتيب الفكرة ونظرتها الى المجتمع والعالم الخارجي، فالنادي يبعث فينا الحياة من جديد متى اجتمعنا مع الاستاذ وانطلقت التدريبات وانطلق النادي اشعر انني خارج اسوار السجن، الامس كل الامكنة التي احبها، اشتم رائحة وردي المفضل وارقص بكل عنفوان فالموسيقى تحملني بعيدا عن

الجدران كما تقول احدى السجينات.

لساعة من الزمن تميزت المبدعات، غنين بكل الصدق وحاولن تقديم حفل تتوفر فيه شروط الحرفية، اتقن الاغاني والنوتات وغنين للوطن ايضا وبكت احداهن حين ادت اغنية «يا ام السواعد سمر» للفنان صلاح مصباح، فالحفل جمع كل الثنائيات الفرح والترح والضحكة والوجع.

ساعة من الابداع قدمتها سجينات منوبة ضمن النادي الموسيقي بالسجن، فالنوادي الفنية اصبحت جزءا من المنظومة السجنية في تونس واصبحت المؤسسات السجنية تتنافس على جودة الاعمال الفنية التي تقدم، فسجن منوبة يقدم نادي الموسيقى والرسم بالإضافة الى نوادي الحرف اليدوية، وسجن المرناقية عرف بنادي الرسم وعرف سجن المسعدين بالشعر، فكل المؤسسات السجنية أصبحت تتنافس ليقدم نزلاؤها أجمل الابداعات الفنية ومن الاساسيات التي باتت في السجون نادي المسرح والتحضيرات السنوية لانجاز عرض يشارك في تظاهرة ايام قرطاج المسرحية ضمن برنامج «مسرح الحرية» وتشارك ولاية منوبة في هذه الدورة بمسرحيتين إذ ستقدم نزيلات سجن النساء مسرحية «بيت براندا البا» اخراج امل البجاوي وسيقدم سجن المرناقية مسرحية «الحديقة السرية» اخراج علي الماجري.

كل السجون تشارك في أيام قرطاج المسرحية
المسرح حرية، المسرح فعل مشاكس متمرد وان كان خلف القضبان، ومن خلف الجدران تولد الابداعات المسرحية التي اصبحت ركيزة اساسية في برنامج ايام قرطاج المسرحية، فكل المؤسسات السجنية تسعى لتكون نواديها ممثلة بأعمالها ويشاهد الجمهور ما ينجزه المودعون، ولجمهور هذه الدورة لقاء مع:
• «بيت براندا البا» اخراج امال البجاوي انتاج سجن النساء بمونبة
• «الحديقة السرية» اخراج علي ماجري انتاج سجن المرناقية
• «السناترا» مروى بالشيخ و «سوقير» لاحمد القنطاوي انتاج سجن المسعدين
• «ديناميت» اخراج رياض الزواري سجن المهدية
• «الريح البره» علي البودي سجن صفاقس
• «جوجمة الحسن» محمد امين الزواري سجن برج الرومي
• «الحياة والزمن» سالم الورغي مركز الاطفال الجانحين المروج
• «كفارة» مهدي اللموشي وسالم الجويني انتاج سجن صوّاف
• «كاريناتي» لصادق عمار سجن المسعدين
• «المحطة الاخيرة» لسعد حمده سجن قفصة
• «بلا قيود» عفاف الاندراي سجن مرناق

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115