إصدارات: موسوعة «الربيع العربي» في تونس 2010 - 2020 لـ: د. الهادي التيمومي: ثورات الربيع العربي بين أحلام العرب وأطماع الدول العظمى

«الربيع العربي» هو سايكس بيكو جديد تم بمقتضاه تنصيب الاسلاميين الاصوليين على السلطة السياسية في عدد من البلدان العربية

( مثل تونس) لانهم اقدر من الحكام السابقين على خدمة مصالح الدول العظمى والمتمثلة في اطماعها في نهب ثروات العرب وخاصة منها المحروقات الموجودة بكميات هائلة وكذلك في تحويل الصراع العربي الإسرائيلي الى صراع عربي - اسرائيلي ضد ايران او بالاحرى تحويل هذا الصراع الى صراع عربي سني – اسرائيلي ضد الشيعة مع تحويل تركيا التي يحكمها حزب اسلامي اصولي الى ورقة ضاغطة ضد العرب كما تهدف الدول العظمى كذلك من وراء الربيع العربي الى تحويل الصراعات داخل العالم العربي من صراع حكومات ضد حكومات الى صراع مجتمعات ضد مجتمعات (عرب ضد اكراد وعرب ضد اقباط ومسلمين ضد مسيحيين وصراع مسلمين يعتبرونهم اقل اسلاما ) هذا الراي او هذه الاراء وغيرها مع التحليل الدقيق والمعمق يجدها القارئ في هذا الكتاب المهم جدا للدكتور الهادي التيمومي والذي جاء بعنوان «2011 سنة كل المخاطر» وهو الجزء الاول من «موسوعة الربيع العربي في تونس 2010 - 2020 التي جاءت في ستة اجزاء تتولى اصدارها تباعا دار محمد علي الحامي ودار التنوير هذا الجزء الاول من الموسوعة جاء في 160 صفحة تضمنت الى جانب المقدمة والخاتمة ثلاثة فصول كبرى وهي :

• ما قبل العاصفة او ثلاث سنوات من الفوران الاجتماعي بدءا بجانفي 2008
• 29 يوما هزت تونس والعالم العربي او الانتفاضة الشعبية الكبرى ( 17 ديسمبر 2010 – 14 جانفي 2011)
• ثلاثة ارباع السنة من الاعداد المتعثر والعسير لانتخابات المجلس التأسيسي (23 اكتوبر 2011)
وداخل كل فصل مجموعة من الفصول الفرعية على غرار :
• الوضع الدولي : استفحال العولمة النيوليبرالية المتوحشة / احداث الحوض المنجمي والتحول النوعي في اشكال مقاومة الاستبداد السياسي / لماذا كان الشتاء دائما شتاء الغضب الجماهيري ؟/ من الازمة المالية العالمية في 2008 الى تقارير ويكيليكس في ديسمبر 2010
• مواصفات الانتفاضة الشعبية الكبرى / منطقة سيدي بوزيد قبل 17 ديسمبر / الصدى العالمي للانتفاضة / وغيرها ..
في تقديمه لهذه الموسوعة اشار الدكتور الهادي التيمومي الى ان المزالق التي تهدد مؤرخ الزمن الراهن هي السقوط في الكتابة الصحفية فالتاريخ علم نقدي يحاول كشف ما لا يظهر للعيان وغالبا لا تظهر الحقيقة للعيان لذلك «اجتهدت في هذه الدراسة الطويلة الى ترتيب الاحداث واهميتها وتقييمها واستعراض كل المواقف من اقصى اليسار الى اقصى اليمين ذلك ان المؤرخ مطالب بان يبحث عما وراء ركام المعلومات».

ويضيف ان تونس انجزت خطوات مهمة على طريق الديمقراطية بفضل التعايش السلمي بين القوى السياسية المتنافرة ايديولوجيا وهي القوى الحداثية من جهة وقوى الاسلام الاصولي من جهة ثانية ولكنه تعايش لم يخل من عقبات خطيرة لان حركة النهضة أو الاسلاميين الاصوليون يصرون دائما وباستمرار على تغيير طبيعة المجتمع التونسي سواء في العلن او في السرية ولكن ما يدعو الى التساؤل لماذا نجحت تونس سياسيا في الانتقال الى الديمقراطية ولم ينجح غيرها من بلدان الربيع العربي؟ ولماذا لم تنجح تونس على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ؟ فمن مظاهر الملتحفين بالحزن والكآبة ومتوسدي الالم واليأس واصبح الانتحار في الاوساط الفقيرة حلا للهروب من حياة الذل والخصاصة .

الحقيقة ان هذا الكتاب او لنقل هذه الموسوعة مهمة الى ابعد الحدود لانها تكشف عن حقائق وتفسر ما يصعب فهمه وتنبه الى المنزلقات فمن بين ما جاء في هذا الجزء الأول أن البائع المتجول اسمه الحقيقي طارق البوعزيزي ولكن اطرافا اعلامية امريكية اشاعت عن قصد (قبيل سقوط بن علي) ان اسم البائع المتجول هو محمد البوعزيزي لان محمد هو اسم نبي الاسلام ثم لفقت القصة التي روجت لها .. كما ان الموقع الالكتروني الامريكي ويكيليكس نشر في بداية ديسمبر 2010 تقارير أرسلها ديبلوماسيون أمريكيون في تونس الى الخارجية الامريكية في واشنطن عن الفساد في تونس . كذلك ما يجب تاكيده هو ان لا احد يعرف على وجه الدقة ماذا وقع عشية 14 جانفي 2014 ومن اوعز لبن علي الخروج من تونس .

ان ثورات الربيع العربي قد عمدت الامبرالية الى توظيفها عن طريق الحركات الاسلامية الاصولية لمقاومة اعدائها من السياسيين العرب على غرار معمر القذافي وصدام حسين كما استفادت الامبرالية ايضا من «اخونة» الانظمة السياسية العربية لنهب ثرواتها لذلك تشكلت في تونس بعد انهيار نظام بن علي تنظيمات واحزاب وجمعيات اسلامية كبيرة ومن بين هذه الاحزاب حزب العريضة الشعبية وحزب العدل والتنمية التونسي وحزب اللقاء الاصلاحي الديمقراطي وحزب التحرير وغيرها ولكن تبقى حركة النهضة أهم حزب اسلامي اصولي .

باختصار ان ما عرفته تونس بعد الثورة هو تفاقم البطالة وازدهار التهريب وارتفاع الاسعار وانهيار المقدرة الشرائية للمواطن وتفاقم الاقتصاد الموازي وبروز المقاهي العشوائية ورياض الاطفال والجوامع العشوائية وتفاقم الجريمة وتدهور نمو الاقتصاد وبروز الاف الجمعيات ومئات الاحزاب والسعي الى ضرب مصداقية اتحاد الشغل والاعلام وتعدد الاعتداءات لتطال الجميع اطباء واساتذة وقضاة وغيرهم فقط هم ايمة المساجد لم يمسسهم احد ولم يلحقهم اذى . باختصار الربيع العربي هو مؤامرة ذلك ا ن الدول العربية التي لحقتها الخراب (ليبيا – اليمن- سوريا – الخ) ستكون اعادة اعمارها من نصيب رجال اعمال الدول العظمى وحكوماتها .

الراي الثاني المعاكس للراي الاول هو ان الربيع العربي : انجاز من صنع الشعوب العربية لكن الدول العظمى سعت ولا تزال تسعى لتطويعه لصالحها ومازال الصراع لم يحسم بعد
وخلاصة القول ان تونس منخرطة موضوعيا في لعبة دولية كبرى تقودها زعيمة المعسكر الراسمالي المعولم الولايات المتحدة الامريكية وان العولمة النيوليبرالية من ابرز ركائزها مقاومة الهجرة غير الشرعية نحو بلدان العالم الغربي والتطبيع مع اسرائيل او على الاقل حصر النفور مع اسرائيل ضمن حدود ضيقة واحترام الحريات الاساسية مثل حرية المراة .

«20111 سنة كل المخاطر» كتاب في غاية الاهمية اذا قراته مرة ستجد نفسك مشدودا اليه لتعيد القراءة مرات اخرى .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115