مسرحية «عالم الألعاب» لأمير العيوني في قاعة المبدعين الشبان ضمن المهرجان الوطني للمسرح التونسي: لنلعب ونحلم ونتعلم في المسرح ...

هل تخيلت يوما وأنت تمسك هاتفك الجوال وتلعب إحدى لعب الفيديو أن تصبح جزءا من تلك اللعبة وتدخل في عوالمها الغريبة والسحرية؟

هل راودتك فكرة أن تدخل إلى ذالك العالم وتكون جزءا حقيقيا وجنديا موجود في اللعبة أو سائق سيارة ماهر أو أن يكون حيوانك القوي المفضل ولا تكتفي بالضغط على الأزرار وأنت في كرسيك أو فراشك؟ كيف سيكون موقفك وردة فعلمك لو تحولّ الخيال وأصبح حقيقة، ودون سابق إنذار تجد نفسك داخل لعبة الفيديو؟ هكذا يتساءل حاتم حشيشة كاتب النص في مسرحية «عالم الألعاب» التي أبدع في نقلها على الرّكح المخرج أمير العيوني.

«عالم الألعاب» المسرحية الموجهة للأطفال، عمل تماهت فيه كل عوالم الجمال لتنقل نصا ممتعا وفرجة مذهلة للمتفرج الصغير، مسرحية من إنتاج مركز الفنون الركحية والدرامية بصفاقس، سينوغرافيا وفيديو لأحمد الخليفي وماكياج لإيمان الصامت وتوظيب صوت وفيديو لبلال بن سليمان واختيار الموسيقى لأمير العيوني مخرج العمل وتمثيل كل من سعيدة الحامي و المنصف الوكيل و منير العلوي وكريم عاشور ومهدي ساسي ومنال الأحمر وانيس المسراطي.

الى عوالم لعب الفيديو تكون الرحلة
تماهت كلّ مقومات الجمال للدخول الى عوالم الطفل، الموسيقى الممتعة قبل انطلاق العرض، ثمّ الصور المتتابعة التي تشعر الطفل انه داخل عالم الالعاب حقا، رحلة مميزة في عوالم خيالية تزيد من ذكاء الطفل وتشجعه على المزيد من الخيال واستنباط احداث وشخصيات من خياله، فمسرح الطفل يشجع على ملكة الخيال ويوفر للطفل الفرصة ليحلم ويستمتع، وفي قاعة المبدعين الشبان ضمن الجمهور المتعة وسافر الى عوالم الطفل وخياله.

فضاء العمل فضاءات، منها الواقعي والمتخيّل، الفضاء الواقعي هو منزل رجل اشيب ماهر في صنع البسكويت (المنصف الوكيل) أب لولدين منتصر (مهدي ساسي) المغرم بالقراءة، عاشق الكتب وعوالم الخيال فيها وحكاياها و منتظر (كريم عاشور) المغرم بالعاب الفيديو، يختلفان إلى حدّ التناقض، وفجأة يحدث حريق وضباب كثيف وصوت قوي ليجد الشابان نفسيهما في غابة وفي عالم غريب وأمامهما ذئب، بكل تفاصيله فالكوستيم صنع بدقة وحركات الممثل كانت جد متقنة ومن هناك انطلقت رحلتهما في هذا العالم العجيب، عالم خيالي ابدع السينوغراف احمد الخليفي في تجسيده، بالوانه المتباينة وتفاصيله الغريبة فعالم الالعاب يحمل الطفل الى عوالم الخيال ليساعده ليحلم ليطلق العنان لنفسه حتى يشكل عالما اخر مبهرا

إذن يكمن سر نجاح العمل الموجه للطفل في مدى قدرتنا على الرجوع إلى ذلك الطفل الكامن فينا سواء على مستوى الكتابة أو على مستوى التشكيل البصري فعندما ننتج للأطفال يجب أن نفكر بطريقتهم ونسكن في عالمهم التعبيري البسيط بما فيه من سحر وعفوية وصدق أي ان نعود إلى الذاكرة الطفولية المليئة بالمشاهد والانفعالات والأحداث فمن منا لا يحتفظ بسنوات طفولته بين زوايا الذاكرة، ومن منا لا يشدّ برحاله إليها كلما اشتاق إلى لحظات من الصدق كما تقول المبدعة إيمان الصامت.

في عالم الألعاب توفرت عوالم الفرجة والتعليم
مسرح الطفل مسرح تثقيفي وتعليمي، في عالم الألعاب توفرت فيه كل مقومات الفرجة التي قدمتها سينوغرافيا مذهلة نقلت تفاصيل عالم ألعاب الفيديو من خلال الألوان والعبارات التي تستعمل في مثل هذه الألعاب.

الجولة في عوالم الخيال تشعرك داخل عوالم لعبتك المفضلة تقابل شخوصها وتسمع حكاياهم، الانتقال من مشهد إلى آخر هو انتقال اللاعب من مرحلة إلى أخرى، هو السعي نحو الفوز قبل أن تخرج تلك العبارة الشهيرة»لقد انتهت اللعبة»، في المسرحية يتحوّل منتصر ومرتضى من عالم الحقيقة (منزلهما) إلى عالم ألعاب الفيديو، منذ البداية يفرح مرتضى لأنه الخبير في ألعاب الفيديو يسعد لأنه سيتمكن من معانقة كلّ الألعاب، لكنه في الحقيقة غير ذلك لانّه ومن خلال هذه الرحلة في عالم ألعاب والخيال سيقدم إليه أهمّ درس يقوم عليه العمل وهو أهمية القراءة وضرورتها في حياة الإنسان، ففي عالم الألعاب يكتشف الأخوان انّ ساحرا ماكرا سرق ملكة القراءة عن جميع سكان المدينة، فالذئب أولى الشخصيات عاجز عن قراءة الخريطة ليصل إلى بيته، والفتاة عاجزة عن قراءة وصفة الصابون لتنظيف المكان، والعجوز عجزت عن قراءة كيفية صنع البسكويت وفي كل المراحل وحده منتصر يستطيع مساعدتهم لانّه الوحيد الذي يملك القدرة على القراءة وتتواصل الرحلة والمغامرة التي يعايشها المتفرج الصغير مع التشويق بالموسيقى والضوء وتغير الألوان كلما تغير المكان وتغيرت القصة.

فلألوان في مسرح الطفل تاثيرها النفسي على المتقبل وللألوان دورها في شد انتباه المتفرج الصغير وايصال المعلومة إليه بكل سلاسة، وفي عالم الألوان يكون اللقاء مع سينوغرافيا مبهرة، الحركات اللونية والموسيقية والماكياج جميعها تماهت لتصحب المتفرج الصغير الى عوالم مميزة ومبهرة.

وأمام جمهور متعطّش لللّون والصورة نقل الممثلون جملة من العوالم المبهرة للطفل الصغير وقدموا رسائل عن أهمية القراءة فبعد ملاقاة العجوز واكل البسكويت تكون آخر المغامرة الدخول الى قصر الملك الذي وجد منشغلا ومنهمكا هو الآخر في لعبة فيديو وكأننا بالمخرج يقدم لعبة داخل اللعبة ومسرحية داخل المسرحية ويعجز الملك عن إتمام اللعبة فيقرر مرتضى (عاشق ألعاب الفيديو) مساعدته لكنه يعجز لجهله بالقراءة حينها يتولى منتصر فك الشيفرات ليتسنى له مقابلة الساحرة حتى تنتهي اللعنة وتكون الكلمة السحرية لفك طلاسم السحر «القراءة مفتاح العالم».

خلاصة المسرحية والمغامرة هي أنّ الساحر عاقب الملك لأنه المسؤول الاول عن شعبه وحرمه ملكة القراءة لانّ الأخير تجاهل القراءة وقيمتها لذلك عاقبه واستدرج اشخاصا حقيقيين من عالم البشر ليقدموا له درسا عن القراءة ودورها في حياتنا وتلك الرسالة الموجهة للطفل لحثه على المزيد من طلب العلم والمعرفة، رسالة تربوية قدمّت بطريقة مسرحية ابدع في تشكيلها كامل أفراد مسرحية عالم الالعاب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115