المهرجان الدولي للشعر بتوزر: لتوزر سحر خاص... فهي قبلة العشاق

ثلاثة ايام من الابداع، ثلاثة ايام من الكلمة الممتعة والصور المختلفة، ثلاثة ايام من اللقاء مع قصائد تتغنى بالوطن واخرى كتبت للحبيبة وثالثة

ترحل بعيدا الى غياهب القلب لتبحث في اسراره، ثلاثة ايام من الشعر عاشها جمهور توزر سنويا مع المهرجان الدولي للشعر الذي اختتمت فعالياته صبيحة الاحد27 أكتوبر بلقاء شعراء من تونس والجزائر والمغرب وليبيا والارجنتين وايطاليا واسبانيا ومالي ونيجيريا، اختلفت لغاتهم ولهجاتهم وافكارهم وجمعهم الشعر.
الشعر ذاك الفن العظيم الذي قيلت فيه اجمل القصائد ذاك الفن الذي تعددت اغراضه وتنوينه واعلامه ، فنّ يجمع داخله كل الفنون وفي توزر اجتمعت الفنون جميعها حول الشعر.

السياحة الثقافية ركن أساسي للتعريف بتونس
الصحراء مولد الحب والسحر، في الصحراء ولدت اولى قصائد الحب، رمالها الذهبية تغري العشاق ليكتبوا اروع الكلمات وينظموا ابهى القصائد، سرابها يدفع المحب للبحث عن الحقيقة وتجاوز كثبانها لاكتشاف كل اسرار الكون، في الصحراء الهدوء والامتداد، تلك الرمال المترامية التي عشقها ابراهيم الكوني وقال انها مصدر الحياة واصل الكون هي ايضا معشوقة أبناء الجريد الى جانب الواحة، ولانّ الصحراء امتداد للشعر والقصيد نظّم المهرجان الدولي للشعر بتوزر ضمن فعالياته جولة ثقافية سياحية الى موقع «عنق الجمل» للتعريف به فالسياحة والثقافة وجهان لعملة واحدة هي التعريف بالمخزون التراثي والحضاري لتونس عند ضيوف المهرجانات والملتقيات بعيدا عن القاعات المغلقة.

الى «عنق الجمل» كانت رحلة ضيوف توزر، الى الصحراء وكثبانها ذهبوا متشوقين لاكتشاف المكان الذي صوّر فيه جزء من الفيلم العالمي «حرب النجوم»، الى سحر الرمال انطلقوا من توزر مرورا بالكوفة الصغرى ثمّ بعد عدّة كيلومترات يوجد الفضاء السياحي الثقافي عنق الجمل الذي يعدّ قبلة للسياح ولزوار توزر ونفطة ودوز، فعنق الجمل اخذ شهرته من الفيلم ولازالت بعض الاستدويوهات والبناءات قائمة تشهد ان كاميرا المخرج العالمي جورج لوكاس مرّت من هنا وصوّرت في الصحراء التونسية.

عنق الجمل موقع ميزته الكثبان الرملية المتشابكة والمتلاحمة إلى حدّ تشكيل صورة لرقبة الجمل ومنه استمدّ الاسم، في الصحراء غير بعيد عن استوديوهات الفيلم انتصب الباعة يمينا ويسارا يبيعون المنتوجات التقليدة كالمنسوجات التقليدية مثل الغرارة والمرقوم و الرجال يصنعون «المطبقة» و«خبز الملة» وهي تقاليد غذائية تميز سكان الجنوب ،وبعض الاحجار الرملية وتذكار يقبل عليه السياح مثل العقارب والافاعي المحنطة كذلك جماجم الجمال والحيوانات الصحراوية مورد رزق لمن يسكنون تلك المنازل البعيدة، الشاش الجريدي بالوانه الزاهية يستبقل الزوار، الوان تبعث في النفس البهجة إلى حدّ ان تصبح فيه الالوان مثل التنويم المغناطيسي يقبل على اقتنائها الشاري دون تفكير.

عنق الجمل موقع سياحي تزوره كل حافلات السياح تقريبا يوجد في المسلك السياحي وهناك اقبال للركوب في السيارات الرباعية الدفع والاستمتاع بكثبان الرمال الشاهقة كما الجبال، هنا الامتداد وهنا صوّر فيلم منه اخذ المكان شهرته، لكن استوديوهات التصوير دمّر اغلبها، البنيات القليلة آيلة الى السقوط، اهمال كلي للموقع فهل ستتدخل السلطات لإعادة إحيائه وصيانته حتى يظل أجمل ليقبل عليه السياح ومحبو اكتشاف تراث البلاد؟.

للموسيقى الصوفية القها
يرتفع صوت البندير، تزداد الموسيقى قوة تصاحبها الة «الزكرة» وأصوات مجموعة من المؤدين يتغنون بسيدي بو علي السني، مجموعة من الأغاني الصوفية أثثت لحفل اختتام مهرجان الشعر بتوزر الذي كان شعاره الشعر والفنون المجاورة والموسيقى التي تغنت بالشعر هي من اقرب الفنون المجاورة، وفي الجريد للموسيقى الصوفية سحرها، لهم موسيقاهم وطرقهم المختلفة والمتباينة في الأداء، الموسيقى الصوفية في الاختتام صنعت الفرجة عبر اللباس التقليدي الموشى بأجمل الألوان والإيقاعات المتباينة ومعها وقع البندير وشطحات المؤدين.

لحظات من الانسجام بين الشعر والموسيقى كأنها انسجام الذات الانسانية مع الذات الالاهية وتلك من مميزات الصوفيين ومؤديي هذا النمط الموسيقي الروحاني، في الاختتام كانت الموسيقى سيدة الموقف تلك اللغة التي لا تحتاج إلى ترجمة وتتجاوز كل الحدود، لغة تخاطب القلب مباشرة ويفهمها الجسد دون وساطة والموسيقى الصوفية تجاوب لنغماتها ضيوف الملتقى من الارجتنين وايطاليا واسبانيا بعد أن كانوا عاجزين عن فهم النصوص الشعرية المقروءة بالعربية.

توزر الشعر والحلم
توزر جنة الشعر والشعراء والشعراء، توزر مدينة للإلهام في واحاتها تشعر انك سيد العالم تشكله كما تريد تحرّكه كقطع «البوزل» تفككه وتعيد تركيبه، في الواحات القديمة سحر لا تستطيع الكلمات وصفه، زقزقة العصافير وتماهي خيوط الشمس الأولى مع النخيل الباسق الطول، التدرجات اللونية التي تحدثها الشمس مع النخيل والأشجار الأخرى، جميعها تبهر الزائر وتخطف لبّ الشاعر ليكتب ارق الكلمات، وللبهاء والجمال الخريفي كتبت المبدعة راضية الشهايبي:
يوم عادي من ابام الخريف
غير أن صباحيَ ناعم
يوحي بالربيع
وان ازهارا نبتت بسور بيتي
وهذه العصافير التي أسمع
ليست عابرة
الوهم مشرق في خاطري
الألوان جريئة في فستاني
غير أن الأصفر شاحب على وجهي
وعلى شجرتي الوحيدة ....
الأصفر لا يحب الوهم
هو لون براغماتيّ
يستعين باللون البنيّ
لأدرك أني....
أشرب قهوتي
داخل ذاكرةٍ قديمة
كي لا يشربني الخريف

اختتمت الدورة التاسعة والثلاثون للمهرجان الدولي بتوزر هو فرصة للقاء محبي الشعر والمجددين في هذا الفن، فرصة للاستماع والاستمتاع بقصائد يكتبها شعراء حقيقيون وفرصة لاكتشاف انّ هناك الكثير ممن يدّعون انهم يكتبون الشعر وهم يعيشون بمقولة «الشعر على قارعة الطريق» وبين الصادق والمزيف يطفئ المهرجان شمعة اخرى ليؤكد انّ فن الشعر لا يموت في ارض الجريد التي تفتح احضانها لاستقبال كل عشاق الحياة.

انفتاح على افريقيا
اختتمت الدورة التاسعة والثلاثون للمهرجان الدولي للشعر بتوزر، دورة انفتحت على البعد الافريقي باستضافة شعراء ومختصين في الكتابات الصوفية من مالي ونيجيريا، الذين قرؤوا الشعر وقدموا مداخلات عن الشعر والصوفية باللغة العربية، ضيوف يتقنون جيدا العربية ويحاولون الحفاظ عليها يتعلّمونها ويعلمونها ويحاولون التحدّث بها الى الضيوف الى جانب لهجاتهم المحلية.

كيف يتم اختيار الشعراء؟
من هو الشاعر في تونس؟ اهو الذي ينظم قصيدا ويحترم اللغة وركائز القصيد الحر او العمودي او قصيد النثر؟ اهو المجدد الذي يكتب قصيد الومضة؟ ام الذي يكتب فقط الخواطر يجمعها ويضعها على صفحته في الفضاء الأزرق ليصبح شاعرا يتجوّل بين الملتقيات الشعرية يسمع الجمهور نصوصا تعجّ بالأخطاء اللغوية دون الصور الشعرية؟ وهنا يمكن طرح السؤال على أي أساس يقع اختيار الشعراء في الملتقيات الشعرية؟ ومن يقيّم القصائد قبل قبول مشاركة صاحبها؟ ام أن سياسة «المجاملة» سيدة الموقف؟.

وزارة الثقافة والدعم المنسي؟
اغلب المهرجانات - ان لم نقل كلها- تعتمد اساسا على الدعم الذي تقدمه وزارة الشؤون الثقافية،ومن بينها المهرجان الدولي للشعر بتوزر الذي قدم ملف الدعم وكالعادة اختتم المهرجان ولازالت منحة الوزارة لم تصل بعد؟.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115