فاطمة بن فضيلة: الشعر التزام بترانيم الحياة

تونسية، مشاكسة ومقاومة تعلمت من هذا الوطن القوة تعلمت ان تظل شامخة كنخيل الجريد وقوية كما الجبال وحالمة كاليالي المقمرة في الصحراء،

تونسية حرّة وامرأة ثائرة تسكنها رغبة في معاندة قسوة الحياة وأوجاع المرض لتكتب شعرا، بالشعر وعشقها لابنائها المبدعين تقاوما مرضا يقولون انه خطير لكن ارادة الحياة التي تسكنها اشد قسوة وقوة منه.
في فضاء جنة عدن في الواحة القديمة، بلباس تقليدي تونسي موشى بكل الوان الحياة وقفت شامخة تعاند النخل تنظر إلى السماء كأنها تعاندها وتشاكس شمسها التي تريد الغروب وقرأت لجمهور الشعر قصيدا انطلق من تجربة ذاتية في مقاومة مرض السرطان، ذاك الذي سكن جسدها فكانت اشد صلابة وقوة منه وتغلبت على بؤسه بحبها للحياة، قصيد انطلق من ملحمة ذاتية وصراع شخصي أهدته الشاعرة إلى كل النساء اللواتي يقاومن السرطان وعبر الكلمات يستشف القارئ دفاعها الشرس عن الحياة وتمسكها بالأمل وتلك رسالة الشاعرة إلى كل النساء:

أرسبتين herceptine
هل يطول علاجك
يقول المريض الذي عن شمالي
للفتاة التي تجانبه في المكان
سنة...
ربما سنتين
تجيب الفتاة
أنا لست أدري، فهذا اللعين يغافلني
كلّ يوم و يسري
يراوغني، يتسلّق نهدي
و ينزلق تحت خصري
كلي الموز فهو يؤخّر زحف الخلايا اللئيمة
تقول عجوز تعدّل مقعدها
و تأكل قطعة الموز دون انتظار
أعدّل مقعدي في القطار
تسير النوافذ حذوي
البيوت/ الحقول/ المآذن
درب الصبايا/
حانة في طريق الجبل
تسير الوجوه/ الحكايا
تسير البحار الطريّة/ تسير الثنايا
أعدّل مقعدي ثانية في القطار
يفاجئني عابر بالسؤال:
هل يطول علاجك سيّدتي؟
-أسايرها حتى تشفى و حين تشفى أموت
-من؟
-الخلايا
علاجي يريح مزاجي
يساعدني كي أنام
يعدّل حتى مزاج الخلايا
كي تعيش معي في سلام
أعدّل مقعدي في القطار
تطلّ النوافذ حذوي مهرولة
و تجري الجبال
تقول صديقتي في القسمِ
«قسم العلاج»
ماذا يفعل هذا الدواء بجسمي
-الارسبتين،
-نعم، حمى المفاصل، صرير الضلوع،
صداع، أنين... و أنت؟
...
يعبّئني بالحنين
...
أمدّ يدي عبر نافذة بالقطار
أضمّ التراب
حصى البحر
ماء الغيوم
رمل السواقي
بائع الورد في شارع الأغنيات
البنات الصغيرات في روضة الحي
أشمّ جدائلهن
شذى الياسمين على الهضبة العالية
سيدي بوسعيد
قمرت
المرسى
الصفصاف
البانبالوني
-أنت تهذين، تقول رفيقتي في القسم،
هو الارسبتين
-أنا الآن نافورة من حنين
أرى بيتنا
بابنا الأزرق
اخوتي
أرى علبة الذكريات بغرفة أمّي
أمسك قلبها في يدي
أجرّ خطاها
لنخرجْ سويّا من العلبة القاتمة
أمدّ يدي و أسحبها نحو قلبي
تداعب خدّي و تهمس في أذني
«أنت أمّي»
هل يطول علاجك
تسألني امرأة يصبّون في عرقها الاصطناعيّ
ما قد تبقّى من الارسبتين،
أنا حصّتان و أمضي، بتروا نهديَ الأيسر،
و أنت متى تكملين، و هل بتروا الأيسر مثليَ
أم...
أنا... بتروا فكرتي مرّتين...
... و شجّوا بلادي
أفتح علبة الذكريات
أدسّ يدي في الحكايا القديمة
مسبحة
برنس لأبي
و ناي تغصّ ثقوبه بالأغنيات
«جفّت عروقك سيّدتي
سنزرع فيك وريدا جديدا لضخّ الدواء
و يهمس في أذنيّ مضيفا ومبتسما
«لضخّ الحياة»
طبيبي الوسيم
....
ارسبتين
...
بتروا فكرتي مرّتين
و شجّوا رؤوس القصائد في اصبعي
ارسبتين
تغوص قصائدنا في ليالي الحنين
«يعاودها الهذيان»
أرى وجهكَ بين حلمين
و أسمع وقع خطاك على الدرج العائد
شدّ جسمي اليك
شدّني من حروفي
من صراخ القصائد فوق يدي
أمسك بروحيَ كي لا تطير
شدّني من رؤوس الأصابع
فانّي أحبّ
بما قد تبقّى من البصمات
بما قد تبقّى من الرجفات
أحبّ خطاك اليّ
احبّ اشتباك يديك مع الحبر فوق يديّ
أحبّ الطريق الطويلة اليك
أحبّ يديك
أحبّ المراسي
ورائحة البحر في الفجر
عود القوارب
ظلّ الصنوبر
دغلا صغيرا حلمنا و نمنا على ساعديه
أرى وجهك الآن بين حلمين
خذني اليك
شدّني من حياتي
و لا تلتفت خلفنا للزجاج
لا تدعني أسيل على مقعد صامت
في قطار العلاج
ارسبتين
ارسبتين
تغوص قصائدنا في الحنين
في الدفاع عن الحق في الحياة والتمسك بالامل كتبت الشاعرة راضية الشهايبي أيضا قصيدا يصف حالة النهد الأيسر بعد أن استؤصل ايمنه، وصف دقيق لوجع تعانيه مريضات السرطان وعبر القصيد تواصل الحديث عن الأمل والتمسك بالحياة لانّنا إذا أردنا الحياة سيستجيب حتما القدر

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115