عرض «توبي الدوامة» للمخرج شادي الماجري في فضاء لارتيستو: لنا الحلم والمسرح لنلوّن عوالمنا

جمعهم الحبّ جمعهم الحلم تشاركوا في لحظات الحرمان المسرحي منذ الطفولة فحوّلوا ذلك الحرمان إلى إبداع

في مدينتهم الصغيرة «قعفور»، تشاركوا في الأمل وحلم النجاح واجتمعوا على حب مسرح الطفل وبعد سنوات من العمل والحلم ولد طفلهم المسرحي بهيا سمّوه «توبي الدوامة».

«توبي الدوامة» عمل مسرحي للطفل يندرج في خانة مسرح الاشياء، عمل من اقتباس علاء فرشيشي عن نص اصلي لـHans christian andersenواخراج لشادي الماجري وموسيقى لرضوان دريدي وفادي محواشي إضاءة لرياض التوتي وسينوغرافيا لشاهر الماجري وفوتوغرافيا لمحمد امين بركاتي وتوظيب عام لصلاح وسلاتي وحامد وسلاتي وفاطمة مرواني وتحريك لعلاء فرشيشي ومحمد سليمة وشادي الماجري .

مسرح الطفل ورسائل تعليمية
موسيقى هادئة، الضوء اصفر يسلّط على دوّامة صغيرة الحجم، الرحلة التي ستحمل الطفل الى عوالم مدينة النسيان هناك حيث وجد توبي الدوامة نفسه مهملا ومرميا، في عالم الخيال تكون الرحلة المسرحية التي تؤثثها مجموعة من الاشياء الصغيرة بعثت فيها الحياة وأصبحت عنوانا للإبداع.

«توبي الدوامة» هو عنوان المسرحية، ومنذ العنوان يعرف الطفل المتلقي انّ الدوامة هي الشخصية المحورية في العمل، عمل يغوص في مسرح الاشياء ويقدمه لجمهور الاطفال المولع بعوالم الخيال، الشخصيات التي تصنع الحكاية هي توبي الدوامة الدوامة الصغيرة المرمية في احد الفضاءات المهجورة ومعها الكرة المغرورة والام المحفظة وأبناؤها أقلام الزينة وحافلة الالغاز وفي مدينة تسمى «مدينة النسيان» تدور احداث الحكاية المشوّقة التي تقدم العديد من الرسائل للأطفال الصغار.

توبي الدوامة مسرحية تشجّع الطفل على الحلم وصناعة نفسه وتجاوز المه كما توبي الدوامة الذي خاض تجربة مشوّقة وتحدى اهوال الظلام ليتمكن من تحرير اقلام الزينة المسجونة وبعدها يتحصل على المقص ليحمله الى كرة الصوف حتّى تعطيه خيطا من خيوطها ليعود الى حالته الاولى ويستطيع الدوران من جديد ولتحقيق هذا الهدف عليه المرور بكل تلك التجارب وفي ذلك دعوة مباشرة للطفل ليحقق اهدافه ولا يخاف التحديات بل يجب ان يخوضها ليسعد وينجح، رسائل تشجيعية تقدّم بطريقة مبسطة تلامس خيال الطفل وعقله معا.

احلم مادم في الحلم نصيب
موسيقى مميزة تحمل الطفل الى عوالم الخيال، الموسيقى تتماهى مع التمشي العام لاحداث المسرحية فهي هادئة متى هدأت الاحداث لترتفع وتصبح صاخبة وكانها نذير خوف متى عاشت الشخصية الرئيسية مأزقا لتعود الى الهدوء بانفراج الاحداث فالموسيقى جزء اساسي في سيوننغرافيا مسرح الطفل هي جزء من الحكاية وتسطر لأحداث العمل.

سينوغرافيا العرض تقدمّ الشخصيات «الحافلة، الدوامة، الكرة، المرأة، الاقلام، المحفظة» ملونة لتبهر الطفل وتشد انتباهه فالطفل يقبل على اللون لأنه فنّان بطبعه، الضوء يسلط على الشخصية ووجه المحرّك ليظهر ذلك التماهي المطلق بين الفنان وعروسته، الاشياء الصغيرة صنعت باتقان إلى حدّ أنها تبدوا حقيقية إلى حدّ أن يرغب الطفل في ملامستها.

«توبي الدوامة» كل المؤثرات التقنية والفنية تدعو الطفل ليحلم، تشجعه ليخوض تجربة الحلم والمغامرة، عمل يرحل بالطفل الى عوالم الخيال يزرع فيه حبّ المغامرة تماما كشخصية توبي الحالمة في النجاح وتجاوز كل المعيقات، كما تدعوه الى عالم اكثر الوانا تبحث في نفسية الطفل وتغرس فيه حبّ الالوان ليلوّن عالمه بطريقته ويضع فيه الوانه وبهجته تماما كما لونت اقلام الزينة الدوامة توبي فعاد بهيا برّاقا بعد ان كانت الوانه باهتة كمتشرّد، في العمل رسائل عديدة تدعو الطفل ليحلم، ليغامر ليقبل على الحياة والتجارب جميعها دون خوف مسرحية تزرع في الطفل حبّ العمل وحبّ الحلم.

مسرحية تحترم عقل الطفل
اجتمعوا على حب المسرح، جمعهم ابو الفنون وجمعتهم رغبتهم في صناعة عمل مسرحي يحترم عقل الطفل الصغير ويحترم قواعد ومقاييس مسرح الطفل، اجتمعوا على الحلم بأن يكون لأطفال الداخل الفرصة لمشاهدة اعمال مسرحية تحترم خيالهم وتوفر لهم فرجة مختلفة ومميزة وتقدم لهم مسرحية تلبي الذائقة الجمالية والمعرفية فولدت المسرحية من افكار مبدعي المدينة ورغبتهم الحقيقية في التغيير انطلاقا من مسرح الطفل لذلك الفنّ الصعب الذي اعتبروه مسؤولية جسيمة لانّ الطفل اكثر صعوبة من الكهل في تقبّل العمل فالطفل لا يجامل.

فكانت المسرحية التي اجتمعت فيها كل مقومات الابداع التقنية والفنية في العمل تماه مطلق بين الممثل وعروسته تلك، في المسرحية اختلفت شخصيات العمل التي يحركها ثلاثة مبدعين هم علاء الفرشيشي ومحمد سليمة وشادي الماجري، اختلفت الشخصيات ولكل شخصية طريقة مختلفة في الصوت وطريقة نطق النص اختلاف أتقنه الممثلون وتماهوا حدّ الوحدة مع عرائسهم الصغيرة التي ابدع الفنان شاهر الماجري في صناعتها، فكانت مميزة تلامس خيال الطفل إلى حدّ اقناعه أنها حقيقية وتتكلّم حقا، التفاعل بين المحرك وعروسته يكشف أنّهم يؤمنون بمسرح الطفل ويحترمون عقله الصغير ويريدون انجاز عمل مسرحي يحترم مقاييس مسرح العرائس ويكشف أنّهم فنانون محمّلون برسائل تدافع عن الذوق العام وتدافع عن مسرح الطفل في مدينتهم الصغيرة التي تعلّموا فيها ابجديات حبّ المسرح.

المسرح فعل مقاومة
تشاركوا الحلم والرغبة في النجاح، هناك في مدينة قعفور من ولاية سليانة ولد الفنانون الثلاثة ومنذ النعومة تشاركوا في حبّ المسرح ورغبوا ان يكونوا جزءا من المشهد المسرحي، تطوّرت الرغبة وكبر الحلم واختصوا في هذا الفعل الابداعي واصبحوا عنوانا لحركة مسرحية متمردة في مدينتهم، ولم تمنعهم الظروف الصعبة ولا انعدام فضاءات العرض من النجاح فتوبي الدوامة المسرحية العرائسية التي قدمت مسرح الاشياء انطلقت من حلم جمع الفنانين وقدموا البرايف والتحضيرات جميعها في «بيت الصالة» في منزل والدي المخرج لانعدام مكان يمكن أن تنجز فيه البرايف في مدينة قعفور.

مدرسة الطيب المهيري:
مدرسة الطيب المهيري بقعفور ليست مجرد فضاء للتعليم او مجرد مدرسة عمومية بل هي ثكنة للثقافة والابداع فمديرها لسعد الماجري من اكثر المهتمين بتركيز الفنون في المدرسة، مدرسة بعد خوضها لتجربة انجاز قاعة للمسرح في المدرسة كونت مجموعة من التلاميذ من نادي المسرح الذي بات منافسا شرسا ويفوز بالجوائز الجهوية والاقليمية والوطنية في المسرح المدرسي بفضل ذكاء الاستاذ المؤطر علاء فرشيشي والمدرسة ايضا كانت جزءا من حلم «توبي الدوامة» لانها احتضنت بعض الحصص التدريبية للعمل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115