كان الافتتاح بعرض مسرحية «سوس» دراماتورجيا وإخراج نزار السعيدي، وهي من الأعمال الجديدة للمركز التي لا تزال تسجّل حضورها ضمن فعاليات عديد المهرجانات والتظاهرات المسرحية الدولية والوطنية نص الشاعر عبد الوهاب الملوح، وتمثيل محمد ساسي لقطاري وحمزة بن داود وعادل رابح، وعبد الرزاق الصخراوي، وكمال بوعزيزي، ومحمد السعيدي وعواطف مبارك، ومنال بن سعيد، وايمان مماش ، وحسن ربح ولسعد حمدة، وتطرح المسرحية مقاربة عميقة للمؤسسات المولدة للشخصية العنيفة انطلاقا من مؤسسة العائلة الحاضنة الاولى، حيث تشير المسرحية الى ان كل اضطراب عائلي يؤدي بالضرورة الى اضطراب في نفسية الطفل، ويرسخ لديه رد الفعل تجاه ما يعيشه، ثم المؤسسة التعليمية والدور الذي اصبح يقوم به المربي في النظم الدراسية الجديدة حيث اصبح هذا الاخير تقني معرفة لا مربي اجيال مما افقده هيبته ودوره في تحديد ملامح جيل المستقبل، وهو ما تقترحه المسرحية بشكل درامي حيث تقوم شخصية «عبد الجليل» بدور المعلم النقابي المتقاعد المنهزم امام «مكينة» النظم السياسية التي يبحث السياسي من خلالها
على بسط نفوذه على حساب القضايا المتعلقة بالوطن والمواطن. كما تتطرق المسرحية الى مؤسسة اخرى مؤثرة في صناعة العنف عند الشباب، وهي المؤسسة الأمنية والسجنية التي تخلت حسب صناع العمل المسرحي عن دورها الاصلاحي واكتفت بدورها العقابي، وهو ما يزيد من شحنة العنف كما ورد في المسرحية «يدخل مجرم غير درج، يخرج مجرم ونص» وفي نفس السياق فقد وصلت المسرحية الى مواجهة المؤسسة السياسية التي تبحث عن استثمار ظاهرة العنف دون البحث عن حلول جذرية لها.
وقد تحوصلت كل هذه الافكار في خرافة بسيطة تنطلق من اختبار نفسي لشاب ارتكب ثلاث عمليات قتل، وما سيرويه من احداث عن شخصيات تعلقت به وتعلق بها صنعت منه مجرما، هذا الشاب نكتشف من خلال حكايته انه شاعر يحب البلاد، أراد ان يبني غدا افضل، ورغم قساوة الواقع والقدر وممارسة العنف خارجيا الا ان نفسيته ظلت حاملة لمفهوم الجمال والحلم وهي رسالة توجهها المسرحية في منهجية التعامل مع ظاهرة العنف بشتى انواعه المدني والديني لتكون معالجة هذه الظاهرة بشكل تحليلي وعلمي لا عشوائي ذو ابعاد قصيرة، للاقتراب من الشباب وفهم احلامهم وافكارهم وتحسيسهم بالامان وجسامة مسؤوليتهم من اجل بناء مستقبل واعد. حيث تنتهي المسرحية برسالة يوجهها هذا الشاب المريض الى المسماة بلادي «سامحيني كان حبيتك وكرهتيني.. سامحيني كان كبرت وضاقت عليا حوايجي.. سامحيني كان سبيتك.. في طريق المرواح غلبتني الدمعة وقلت حبيتك، من حبك مانيش تنبرى.. والحلمة فيك اضيق من ثقب الابرة».
الشريط المنجمي يحضر مسرحيا:
والجدير بالذكر أن الدورة الرابعة لمهرجان قفصة للفرجة الحية، تتميز بعديد الإضافات، الحية التي من شأنها أن تساهم في الارتقاء بهذه التظاهرة المسرحية والفرجوية التي يختصّ بها مركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة من خلال دعم برنامجها العام بالأنشطة الفرجوية داخل الساحات العامة، والتي ستشمل ولأوّل مرة إلى جانب العروض المسرحية مدن الحوض المنجمي، المتلوي وأم العرائس والرديف والمظيلة، لا سيما وأن العروض التنشيطية سيقدمها شباب المسرح بولايات قفصة وتوزر وقبلي. في إطار دعم مركز الفنون الدرامية والركحية، للأعمال والابداعات الشبابية. وانفتاحه على الفضاءات الأخرى وفسح المجال أمام المثقفين والمسرحيين والمبدعين لا سيما الشباب منهم، وخرّيجي المعهد العالي للفن المسرحي. قصد تقديم الإضافة وإثراء برامج وأنشطة المركز الذي حرص مديره الفنان المسرحي الهادي عباس على إرساء مسار تشاركي جاد وهادف بين هذه المؤسسة الثقافية الوطنية وعديد الجمعيات المسرحية والفرق الموسيقية بما من شأنه أن يجعل المركز قطبا ثقافيا مستقطبا ومشجعا وداعما لمختلف الأعمال والمشاريع والتظاهرات والمهرجانات لا سيما المسرحية منها.
ويتابع جمهور المسرح اليوم السبت 7 ماي عرض مسرحية «ريق الشيطان» لفرقة الناقوس للمسرح الاغواط (الجوائر) وبساحة باب السور بمدينة القصر، عرض تنشيطي في «فنون مسرح الشارع» من انتاج شباب ولاية قبلي. وبدار الثقافة بالمتلوي يقدم مركز الحرية والابداع بالاسكندرية مسرحية «البحر بيضحك ليه» ومن فقرات يوم غد الاحد 8 ماي، عرضا للاطفال بعنوان «المعاهدة» لمركز الفنون الدرامية والركحية بصفاقس خلال الفترة الصباحية. وفي الفترة المسائية سيتم تقديم عرض مسرحية «البحر بيضحك ليه» من مصر، بمركز الفنون الدرامية والركحية، و بساحة حي النور عرض تنشيطي متنوع الفقرات. اما بمدينة المظيلة فتقدم فرقة الناقوس لمسرح الاغواط (الجزائر) العرض الثاني لمسرحيتها «ريق الشيطان».
وبمدينة ام العرائس عرض ثالث لمسرحية «ريق الشيطان» (الجزائر) في حين يقدم مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين يوم الثلاثاء 10 ماي مسرحية «او لا تكون» وتتوزع فقرات يوم الاربعاء 11 ماي بين مركز الفنون الدرامية والركحية، وساحات المدينة، من خلال عرض مسرحية «ارض الفراشات» من انتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف. ويكون الاختتام يوم الخميس 12 ماي، بعرض مسرحية «عنف» للفاضل الجعايبي وجليلة بكار، ومن انتاج المسرح الوطني. وفي السياق ذاته سيتم تكريم ثنائي المسرح: لزهر بوعزيزي وهو من الوجوه المسرحية المعروفة بجهة صفاقس، والفاضل قلنزة الذي اقترن اسمه بعديد الاعمال المسرحية، لفرقة مسرح الجنوب بقفصة سابقا.