مثل الكبار وربما يكون الطفل أحيانا أكثر ذكاء في تقبله للمادة المسرحية. هو أستاذ في المعهد العالي للموسيقى والمسرح بالكاف يدرس مواد التشخيص والاخراج والتحريك العرائس وتحليل العرض واللعب الدرامي، له تجارب عديدة في مسرح الطفل يعرفها متابعو الحركة المسرحية ويصفونها بالممتعة والجيدة لانها تحترم عقل الطفل ذلك المتقبل الصغير، بعد العرض كان لـ«المغرب» لقاء وجيز مع محمد صالح عروس:
• «كن ربيعا هو عنوان العرض ما دلالة العنوان ولماذا اختياره؟
أولا قبل الاجابة أقدم شكري لكل اعضاء مركز الفنون الركحية والدرامية بجندوبة وكل الفريق التقني والاداري لانّ العمل بينهم اتسم بالجدية كما لا يفوتني انّ انوه بمجهودات الممثلين المحركين لرغبتهم في تطوير كل المقترحات الجمالية للعمل.
وأعود الى السؤال الان، «كن ربيعا» عن أي ربيع نتحدث هل هو فصل الربيع بكل ما يحمله من زهور ومن أجواء لطيفة دافئة تنسينا فصل الشتاء ؟؟؟...أم هو ما يتبادر في ذهن الطفل من تساؤلات عن ربيع تكرره وسائل الإعلام المرئية والمسموعة يوميا تحت مسمى «الربيع العربي التونسي» الذي ينتظر شهادة عبور يحددها الآخرون ؟؟؟ أم هو مفهوم الفرحة و الأمل بحياة أفضل تنشدها الذات ؟؟؟
«كن ريبعا» مسرحية تدفع الفرد لمواجهة مصاعب البحث عن السعادة، (كقيمة أساسية للوجود ) وربط جسور التواصل مع الأخر ومع الذات، ضمن مسار البحث المرتهن بالرحلة والسفر المتواصل،هي ملامسة للواقع تتشابك فيها الشخصيات الآدمية بالحيوانية لتمجد قيمة الصداقة وأهميتها في بناء العلاقة الاجتماعية ضمن قالب تربوي تعليمي يحث المتقبل الصغير على تتبع مفاهيم التعاون.
على الركح قدمنا المسرح داخل المسرح، لعبة الحكاية داخل الحكاية، لعبة الممثل داخل الشخصيات في تعدديتها واستمرارية تنوعها لعبة الباث والمتقبل، هي دعوة لاكتشاف الآخر وحثه على بذل الجهد لصيانة مفهوم الصداقة بأسلوب يجمع الجد بالهزل
«كن ربيعا» هي مساءلة لما تسرب في ذهن الطفل من سوء فهم لدور الأخر في إسعاد غيره...هي دعوة لشحذ عزيمة الذات لمواجهة الراهن وبناء رغبة الذات بعيدا عن المصالح الفردية لخدمة مخزون قيّم يرجى إعادة استكشاف ثرائه وربطه بالمفاهيم التربوية والتعليمية للطفل.
• من يشاهد اعمالكم يلاحظ اهتمامكم الكبير بالألوان هل هو اختيار جمالي؟
الاهتمام بالألوان تأكيد على أهمية الصورة في مسرح الطفل و هو كذلك تثمين لقيمة الحركة التي نعدها المحرك الأساسي لأي عملية تقبل سليمة تحاكي الملكة الذهنية و النفسية للمتقبل الصغير الذي ينزع نحو كل ما هو حركي وجذاب .
• هل لتعاملكم الدائم مع الفنانة ايمان الصامت تاثير على اعمالكم؟
التعامل مع المبدعة إيمان الصامت لم يكن وليد تجربة أو تجربتين فهي رفيقة الدرب منذ سنوات،ولا تكاد تخلو أعمالي من لمستها الإبداعية فهي تحسن التعامل مع النصوص و تدرك المطلوب و في أغلب الأحيان لا تتوانى على تقديم لمستها الإضافية، وهو أمر يميزها عن بقية المخرجين الآخرين.
• في اي خانة يصنّف محمد صالح عروس اعماله التي يقدمها ؟
نعمل منذ مدة طويلة ومن جملة ما قدمناه من أعمال سواء في مستوى الكتابة أو الإخراج «يحيا العمل» و«تراب الغاب» و«كن صديقي» و«كن متميزا» و«سيدة القلوب» و«بذرة الحياة» على تعميق مفهوم مسرح يلتقي فيه الكبير بالصغير ليدفع أحدهما الأخر لمساءلة ما يقدم بل وربما لتبادل الآراء في ما يحمله النص والصورة من رسائل نوجهها للكبير والصغير على حد السواء.
• كيف تقيمون واقع مسرح الطفل في تونس؟
نعتقد أن مسرح الطفل في تونس لا يخلو من بعض المحطات المنيرة ومن الأعمال المحترمة شكلا ومضمونا ولكن نرجو أن يتجاوز بعض المصاعب الهيكلية التي تمس إمكانيات تطوره،كما نرجو أن يلقى الاهتمام الأفضل عند بعض النقاد لضمان تحسن التصورات الإخراجية وتطور الأطروحات الفكرية لنصوصه.
• هل أن «كن ربيعا» سلسلة من حلقات مسرحية متواصلة؟
بالفعل «كن ربيعا» تتويج لعملين سابقين «كن صديقي» 2015 و«كن متميزا» 2017 أي أنه حصيلة تراكمية سابقة...وعمل مكثف على مشروع مسترسل يطرح فكرة المسرح داخل المسرح من خلال البحث في شاعرية حركة اليد المحركة للعرائس والتي تجمع بالضرورة تناغم حركة العرائس مع صوت الممثل لرفع القدرة التعبيرية للممثل المحرك للعرائس أضف إلى ذلك ورشة البحث في الشكل و الألوان والخامات مع الفنانة إيمان الصامت.
نهدف في مسرحية كن ربيعا إلى مزيد تحديد ملامح تصورات فنية لها أن تغذي تجربتنا بأعمال مسرحية عرائسية نرجو أن تجد صداها عند جمهور الأطفال كما نرجو أن نؤثث من خلالها لتصورات جديدة نحن بصدد صياغة بعض منطلقاتها في أعمالنا اللاحقة وهي: «غربال الجنوب» أو «حكايات زمان» وهو عمل عرائسي موجه للأطفال سيرى النور قريبا و«للاّ» أو «الزنزانة» وهو عمل عرائسي للكبار.
والجميل اننا نعمل ضمن فريق عمل نطوره ويطورنا وأذكر من بينهم ماهر التواتي وسهام التليلي وايمان القلقامي وعثمان خليفة.