عرض طارق العربي طرقان وأبناؤه في مهرجان قرطاج الدولي: جميعنا أطفال... لكننا لا نهادن مع الوطن

انس عمرك الحالي، دع عنك شواغل اليوم وعد بالذاكرة الى الطفولة او سنوات الشباب الاولى انزع عنك عقد الحاضر واترك لروحك حرية التحليق

دع لجسدك الفرصة لينتفض وينبش في الذاكرة وينفض عنها غبار النسيان ويطير في سماء الذكريات فيرقص ويغني دون خجل، استرخ قليلا وانس هاتفك الجوال وانطلق في رحلتك الى ذاكرتك.
تذكر شجاعة «مواكلي» كن قويا كما «هزيم الرعد»، ام انك تعشق كرة القدم وتمنيت ان تصبح كما الكابتن ماجد او ربما الكابتن بسام كان الاقرب الى قلبك، الم تتسابق واخيك كما «سابق ولاحق» وربما ابكتك دموع «ريمي» كثيرا، الم يكن لك اصدقاء عاهدتهم على الاخلاص وانت في سنواتك الاولى تماما «كعهد الاصدقاء» وربما كنت مشاغبا ميالا الى «الرمية الملتهبة»، الم تعشق السلاحف وتمسيت بـ«مايكل انجلو» السلحفاة المقاتلة او صنعت لنفسك سيفا من الخشب ورددت «انا داي الشجاع» هل تذكرت القليل؟ فلنكمل الجولة في ذاكرتنا المشتركة جولة امنها المبدع الدائم والدنا جميعا صديق طفولتنا وذكرياتنا المشتركة طارق العربي طرقان وابناؤه على ركح مهرجان قرطاج الدولي في دورته الخامسة والخمسين.

اغاني الكرتون تكتسح قلوب الجماهير
نحن لا نكبر، ربما لن نكبر مطلقا، يسكننا اطفال مشاغبون لا يعرفون معنى الهرم ولا الشيخوخة، الى جيل الثمانينات والتسعينات كل تحايا الرسوم المتحركة التي عايشوها وبنوا معها مبادئ الطفولة واخلاقها، الى الاطفال فينا تحملنا موسيقى اغاني شارات الكرتون التي ابدع في تقديمها طارق العربي طرقان وابناؤه، الى الطفولة كانت الرحلة فكل الحضور كانوا اطفالا بمختلف الاعمار من الاربع سنوات الى ما فوق الستين جميعهم لبسوا حلة الطفولة وتفاعلوا مع الموسيقى وغنّوا دون خجل فكم جميل ان نعود اطفالا.

على ركح قرطاج العظيم كان اللقاء الاستثنائي لقاء وحّد جميع الافكار والالوان والاعمار، فجميعنا تربى على شارات الكرتون وجميعنا كنا نسابق الوقت لنشاهد كرتوننا المفضل ونظل لساعات امام الجهاز الصغير ننتظر كيف سيحل المحقق كونان الجريمة، الى الطفولة عدنا، لكل متفرج علاقة خاصة مع شارة ما، لكل منا ذكرى محددة مع كرتونه المفضل ولارضاء الجميع حاول طارق طرقان وابناؤه تقديم اغان من كوكب التاريخ وكوكب الزمرد وأغاني الاكشن.

في سهرة استثنائية سهرة موجهة للأطفال الذين تجاوزوا الثلاثين عاما كانت المتعة، اليهم عزفت الفرقة موسيقى الطفولة، الكل يشترك في لحظات الحب والمتعة والذكريات، فكم انتظرنا ان يسجل الكابتن ماجد اهدافه وتمنينا ان تتحسن صحة صديقه ياسين، وكم بكينا لدموع ريمي اليتيمة بعد موت العم سام من شدة البرد وكم عشقنا قوة داي الشجاع وحاولنا تقليده لإنقاذ الاخرين، وكم عشقنا صدق الاقزام السبعة مع فلّة وكم سحرتنا قوة «دراغمبول» ورددنا شعار القوة «قلنا التحدي قلت الامل قلنا الشجاعة قلت العمل» واضفنا «رأيت الحقيقة خلف البصر، رسمت الحروف بعمق الحجر، انرت الطريق، وجدت اليقين رفعت الجباه والهم»، اغان يحفظها الكل تقريبا، الجمهور غنى اكثر من الفنان كأنه ينتفض من الواقع ليعود الى الطفولة ويعاكس الموجود ويسعى الى الخير «لا تحبس الاسرار هيا نهزمهم فالخير اقوى في كلّ المواقف» كما تغني سلاحف الننينجا.

رحلة ميزة الى الطفولة رحلة سباق سابق واخيه لاحق، رحلة لاكتشاف عوالم الفضاء وصراع الكواكب، رحلة الى الغابة ومعايشة الحيوانات وصدقها وغنائها «هل شاهدت ذئبا في البراري يأكل اخاه هل شاهدتم كلبا عضّ يدا ترعاه، هل شاهدت فيلا يكذب يسرق يشهد زورا يمشي مغرورا بأذاه» حينها نود لو كانت لنا شجاعة سيمبا الاسد الاخير، كلّ هذه التلوينات الطفولية حضرت على ركح قرطاج في عرض استثنائي عرض تفاعلي بين الفنانين والجمهور عرض غابت عنه كل الحدود والمقامات والعقد وحضر فقط الطفل فينا.

يا «توانسة» كونوا كهزيم الرعد فنحن زائلون والوطن باق
طارق العربي طرقان رمز للذاكرة الطفولية، فنان مجدّد في اغاني الاطفال، اغان ذات رسائل ومبادئ اثرت في اطفال الثمانينات والتسعينات، اغان صنعت الفارق في نفوس الأطفال اغان البعض اعتمدها شعارا لحياته.
وللوطن نصيبه من اغاني الكرتون، وعلى ركح قرطاج التاريخ غنوا قليلا من كوكب التاريخ وأكدوا ان التاريخ لا ينسى، ولنّه يؤمن ان الطفل ارض خصبة، ارض يمكن زراعتها باجمل المبادئ لتثمر في الكبر فقد زرع في الاطفال حبّ الوطن، من خلال شارة «صقور الارض» التي تقول كلماتها « شرف الوطن، اغلى مني ومن ما يجول بفكرنا في كل زمن، هو ارضي قبلي وبعدي مرآة مجدي، تعاهدنا معا على الاخلاص والقتال، تعاهدنا معا سنعلي راية الفداء، عهدا بان يكون اقوى من الحصون ارواحنا فداء الوطن رخيصة الثمن» ثمّ سقاها بموسيقى «هزيم الرعد» فعزفت الفرقة الموسيقية نوتات ثائرة قوية قوة هزيم الرعد وللوطن غنوا « هزيم الرعد، ابرقي ارعدي ابطالا وعدوك انبل وعد، جاؤوك بصوت الحق الهادر فينا كهزيم الرعد، ما هنت ولن تهن بل من اجلك ثار اشتد، ما عاش الظالم فيك وفينا نفس بعد، بحنيني ودمي افديكي وروحي تنبت مجد»اغنية قال انها تعبر عن تونس، هي رسالة لكل التونسيين جيل الثمانينات والتسعينات ليراعوا مصلحة تونس ليسعوا الى مصلحة الوطن ونحن نقبل على انتخابات رئاسية وتشريعية وكان الفنان يقول كونوا صادقين صدق هزيم الرعد فنحن زائلون والوطن باق.

الوطن هذا المفهوم الغامض الذي لم نكن نعرف كنهه في الطفولة، الوطن ذاك الذي ظنناه الغابة مع سيمبا، ثم اصبح «الحديقة السرية» وتحول الى «بيت الاقزام السبعة» مع «فلة»، ليصبح «الفضاء» مع صقور الأرض، ثم «المدرسة» في «باص المدرسة» و قرية بعيدة مع «الكابتن بسام» الوطن يراه طارق العربي طرقاه هو النحن، هو الحصن الاصدق والاجمل وعلينا جميعنا ان نكون اسلحته لنحميه ونكون «حراسا لا نهادن الشر، ونعبر الطريق نحو الحقيقة فلا مكان للشر» كما كان «باتمان.

جمالية الكلمة وروعة الموسيقى
اغاني الكرتون وشارات الصور المتحركة ليست من فراغ بل نبعت من ايمان طارق العربي طرقان بقيمة الطفل واهميته في المجتمع، كما جاءت مبادرته بعد اقتناعه بضرورة ان يكون للصور المتحركة الناطقة بالعربية كلمات والحان عربية لانهم كانوا في البداية يضعون كلمات عربية على اللحن الاصلي لتكون غير متجانسة ومنذ تجربة «ماوكلي» كاول شارة اصبح طارق العربي طرقان يكتب ويلحّن شارات الكرتون.

موسيقى طارق العربي مميزة، نوتات موسيقية بعضها اوركسترالي واخر يواكب كل التلوينات الموسيقية الغربية مثل الجاز والبلوز مع استعمال الة الساكسوفون والدرامز، وبعضها مشرقي مع الدربوكة والقانون مع ايقاعات مغاربية تحضر عبر نوتات قبايلية جزائرية واخرى جبلية مغربية جميعها تمتزج في عرض واحد واغان توجّه للطفل لتشد انتباهه الى الموسيقى.

كلمات شارات الكرتون التي كتبها طارق العربي طرقان، مميزة لها قدرة على تعليم الطفل ابجديات اللغة العربية وقواعدها كما انّها تعلمه التمييز بين الاغنية الوطنية والانسانية والرياضية، فلكل شارة كرتون موضوع ولكل محور اغنية خاصة به، على سبيل الذكر في الرياضات «كابتن ماجد» و «الدوجبول» و «الرمية الملتهبة» وجميع كلمات الاغاني تتغنى بالروح الرياضية والمنافسة المحترمة، كلمات تعلم وتكشف للطفل عالم الانهار والبحار مع «الصياد الصغير» و»اسرار المحيط» واخرى تتوجه الى الانسانية «بابار فيل» وكما تقول احدى الشارات «لن يهزم ابدا من سعى» سعى طارق طرقان لخلق الجديد في اغاني الكرتون والتوزيع الموسيقي وكان له كلّ النجاح.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115