في رواق يوسف الرقيق ضمن مهرجان الفنون التشكيلية بالمحرس: من الحديد والخزف تولد تلوينات الإبداع

عشقوا الصعب، حوّلوا قساوة الحجارة إلى تحف فنية مبهرة بعضها يعبر عن الواقع وآخر تجريدي يشمل الأفكار الجمعية،

حوّلوا قساوة الحديد إلي لين لتصبح منحوتات مبهرة هم اللذين يعاندون الحجارة والرخام الصّلب ويخلقون من تلك الكتلة الحجرية أجمل الأعمال هم اللذين يصارعون الخشب فيحفرونه ويغازلونه حتى يصبح تحفة ممتعة هم النحاتون الذين يعاكسون شدة الحديد ويغالبونه ليكون ايقونة فنية مبهرة هم النحاتون الذين تحتفي بهم الدورة الثانية والثلاثون لمهرجان المحرس للفنون التشكيلية.

هنا لقاء مع فنان وضع روحه في روح الحضارة،فنان وضع تفاصيل روحه في تحفة فنية عملاقة حوّل حديدها إلى مادة لينة وولد أفكاره ليشكلها في شكل عمل ضخم عمل يسائل الواقع وينطلق منه أيضا، وفي الرواق التقى الجمهور بإبداعات نحاتين من تونس ودول أخرى على غرار خليل الوصيف وعلي البرقاوي وفاتح بن عامر وبلحسن الكشو ووسيم شكّو وهدى الخراط وياسمين الحضري ومحمود جراية وسحر بوجلبان ويونس العجمي ويامن العبدلي ونافع بن نصر وغيرهم ممن بعث الحياة في الحديد والخزف

حين يصبح الحديد ايقونة فنية
حوّلوا الحديد إلى فكرة، انصهر الحديد ليصبح أيقونة إبداعية تعبر عن عمق تفكير خالقها، الفنان هنا بمرتبة الخالق حوّل كومة الحديد المتآكلة المرمية إلى عمل فنّي يعبر عنه وينطلق منه، عمله ذاك جزء من الروح، في رواق يوسف الرقيق يلتقي محبو النحت مع أجمل الإبداعات طيلة أيام المهرجان، منذ المدخل تستقبلك أعمال النحات الشاب يامن العبدلي، أولى المنحوتات جمعت الخشب والحديد منحوتة تعبر عن الطموح والأمل والتمسك بالحلم تجسّم إنسانا متشبثا بخيط يريد الصعود إلى الأعلى، منحوتات من الحديد صغيرة الحجم ومختلفة المواضيع، منحوتات تعبر عن شموخ المرأة وجمالها فهي في شكل شمعدان مضيء أو هي تحملك إلى عالم الموسيقى مع مايسترو يمسك عصاه ليحرك نوتات موسيقية ستشعر أنها تنبعث في المكان، التفاصيل في المنحوتات مبهرة، كل تلك الكتلة الحديدية التي يصنع منها النحات تحفته الفنية يركز فيها على تفاصيل العين وحركة اليد وتجاويف الشكل الخارجي، عمل يتطلب الكثير من الحب فالفن من الحب او لا يكون.

من الحديد يصنع علي البرقاوي أعماله الإبداعية ايضا، منحوتة تبدو غامضة غير واضحة المعالم وربما الغموض من شيم النحات أيضا لكن الواضح تلك الوردة الحمراء القانية، وردة للحب وردة ربما هي تعبيرة عن تدفق دماء الحياة في عروق صاحبها دم يصنع منه أجمل الأعمال. الفنان يونس العجمي صنع من الحديد منحوتة عملاقة تعرض داخل رواق يوسف الرقيق منحوتة لرجل يقود دراجة هوائية، منحوتة تركز على تفاصيل الجسد وتفاصيل الدراجة، تجويفات وأشكال وكأنها مسألة رياضية أبدع في حلّ شيفراتها وجسدها في عمل فني للزوار، لنفس الفنان عمل اخر يبهر المتفرج تجسيما لحصانين من الحديد تجسيم يبرز التفاصيل والتدويرات والاشكال والحركات لتشعر الزائر انه امام عمل بتقنية ثلاثية الابعاد.

امّا ياسمين الحضري فجعلت من الحديد تحفة حروفية وحوّلت تلك الكتل إلى حروف عربية وخط ممتعين، حولت الحديد إلى كلمات للحب والشعر والجمال، وأبدعت في الخط العربي باستعمال الحديد.

النحت متعب وممتع
الرسم حياة والنحت خلق،عملية معقدة ومتعبة تتطلب الكثير من الحرفة والخبرة لولادة عمل نحتي يعبر عن رسالة ما فالنحت ليس مجرد اشكال ضخمة دون هدف او رسالة، ولان النحت حياة والنحت الوان ممتعة وجمال يجسم علي البرقاوي الكرة الارضية والى جانبها لوحة الرسم ومجموعة من الفرشاتات مختلفة الأحجام والألوان، ومغزى المنحوتة واضح لا حياة في البسيطة دون فنّ والفن لا وطن له، ولان الفن حلم يجمع الجميع يقدم عيسى الحمروني منحوتة لعازف العود عازف تونسي الروح واللباس التفاصيل تكتب لحظات الغناء والجبة والشاشية التونسية، كأنه مجسم لشيخ من شيوخ المالوف في تونس منحوتة تضجّ بالحياة بنية اللون كأنها لون التراب ولها رمزية الأرض.

في المعرض المفتوح توجد العديد من الأعمال النحتية اختلفت مصادر نحتها واختلفت أفكارها لكن الرسالة واضحة هي الدفاع عن وجود فن النحت ومحاولة ابراز معالم الجمال والاختلاف في هذا الفن، مع الحديد هناك حضور للخزف الفني، أعمال للمبدع فاتح بن عامر وأخرى للفنانة تهاني الهناتي المختصة في الخزف ولها أعمال مميزة تعبر عنها وتنقل فيها تفاصيلها وتفاصيل هموم الوطن وهواجس المواطن، بلحسن الكشو أيضا يشارك في المعرض بأعماله الخزفية الممتعة أعمال ينقد معها الواقع التونسي ويشكلها بالخزف فتكون اللوحات منحوتة بدقة تبرز التفاصيل والألوان التي تتماشى مع الفكرة.

فن النحت فنّ متعب فن يتطلب جهدا أكبر وتركيزا أكثر فنّ خلق تحفة فنية من العدم، فنّ انجاز منحوتات ذات أحجام كبرى وأشكال مختلفة تعبر عن رؤية الفنان للواقع وتنطلق منه، المنحوتات أحيانا تنطلق من بيت شعر أو من فكرة متمردة يحولها نحّات حالم إلى تحفة جمالية وفنية وفي المحرس تصبح المنحوتات أجمل لأنها تتلوّن بالوان الهدوء والسحر الذي يميز المدينة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115