«حومتي تتزين» محمد الكرمي: أن تكون حالما فمعناه أنك إنسان ...

ابن تلك الارض، تعلم حبّ الحياة من امتدادها، تعلم الشموخ من صمودها وشموخ جبالها، عشق الفنون من تراثها وتاريخها،

واكتسب الكبرياء من شهامة اهلها، ابن تلك الارض احبّها فحوّل صمتها حياة وبعث فيها الامل من خلال الالوان والرسم فحوّل واجهات منازلها المنسية والمغبرة الى لوحات فنية تبهر العين وتسحر البصر لتصبح المنازل لوحات فنية اختلفت الوانها.

في برنامج فني مختلف سمّاه «حومتي تتزين» برنامج اساسه تزيين واجهات جدران الاحياء الشعبية في مدينته مدنين ليصبح حيّ اغادير في طريق قابس اوّل تحفة فنية ينجزها محمد الكرمي في مدينته قبل الشروع في انجاز الياذات ابداعية اخرى.

الوطن اللوحة
«إنما الفن مورد الحب والنور، شهي الأمواه عذب الورود، إنما الفن أيكة عاش فيها، بلبل القلب بين ناي وعود،. إنما الفن دوحة في ذراها، كل من شئت من جني وورود»، انما الفن سحر اللون وبراعة حركة الفرشاة ورقصها على ايقاعات اللون ونغمة الحب، انما الفن سيمفونية للجمال ورحلة لونية مختلفة تنصهر داخلها كل الالوان الحارة والباردة لتخرج الحيطان الميتة وتنفخ فيها فتعود الى الحياة بهية ساحرة تغري المار بالزيارة فهل لك ان تتخيّل ان حيا سكنيا عاديا يصبح مزارا لمحبي التصوير، فحيّ اغادير طريق قابس مدنين، بات تحفة فنية تسرّ البصر وتمتع البصيرة.

الوان زاهية، نقوش امازيغية «الخمسة والخلال» تحاكي الارض وتكتب قصص سكانها وشموخهم، واخرى عربية تحمل سحر الخطّ العربي وبهجته ورونقه المميز، الوان مميزة كتبت اللوحة في حيّ شعبي كانت الصفرة الباهتة ميزته، ابوابه الحمراء والسوداء تزوشت باجمل الالوان والنقوش وبابت مصدرا للجمال، الصفرة على الحيطان او بقايا الاسمنت تحوّل الى الوان زاهية منها الوردي والسماوي والأخضر الجميل، الوان حوّلت الحيّ الى تحفة فنية، حوّلت الحي الى لوحة حيّة ممتعة تدهش الناظر، لوحة اجتمع حولها ابناء الحي وحولتهم من مواطنين يخلدون ساعات القيلولة الى منازلهم الى فنانين يحملون الريشة واللون ويتركون الحـــــرية للريشة لترسم ماتريد فكانت النتيجة تحفة فنية وأصبح الوطن لوحة جمعت داخلها خصوصيات المكان وأحلام أبنائه في نحت تفاصيل الجمال.

الفنان الفلتة...يصنع الجمال
جميل ان تحلم، والاجمل ان تسعى الى تحقيق حلمك، جميل ان تعشق الارض وتحاول صناعة مساحة ابداعية خاصة بك في مدينتك، جميل ان تحب ارضك وتبدع في تزيينها والاجمل ان تبادر لتخلق مشهدا ابداعيا جميلا يبعث الحياة في الواجهات المنسية والجدران الخربة، هكذا شعار الرسام المحبّ للحياة والالوان محمد الكرمي الذي صمّم على تزيين «حومته» لتصبح بكل ذلك الجمال.

محمد الكرمي فنان مبدع يريد الاختلاف ويقبل على الفن بلهفة طفل صغير، فنان عشق ارضه واقبل على تزيينها فشاركه الحلم متساكنو الحي شيوخهم وشبابهم ليكونوا جميعهم جنود المكان وفنانيه ويبعثون في الحي القديم الحياة ويكون لوحة فنية جمعت اجمل الالوان.

محمد الكرمي في سياق «فلتة فنية» بعث الحياة في حيّه ليمر بعدها الى احياء أخرى، فنان دأب على الابداع في مختلف الجدران، هناك في مدينته هو صديق للجدران المتأكلة والحيطان المصفرّة ريشته بلسمها، فنّان خاض تجربة تبديل واجهة حيّ باكمله، فمن حيّ ألوانه صفراء ورماله مرمية وأبواب متاكلة بعضها نسي اخر مرة عرف فيها الدهن الى تحفة فنية والوان مميزة هي فكرة جريئة كانت نتيجتها مبهرة اشرف على انجازها ابن تلك الارض الذي تعلّم من شموخ جبال بني خداش الكبرياء وصنع لنفسه قدوة يحتذى بها فهو انموذج للفنان للتونسي الصادق المحب لارضه وان قست، المحب للون والحياة وسط صفرة الارض وانعدام اللون الأخضر يقبل على الرسم لتغيير المكان ومعه تغيير العقلية تدريجيا ليشعر كل مواطن ان لمدينته عليه حقّ ومن واجبه المحافظة على جماليتها بما توفّر من امكانيات، تزيين الحي لم تكن نتيجته مجرد الوان على الجدران وانما لحمة انسانية بين مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية وتلك رسالة الفن فكل فنّ يحمل نورا الى الاخر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115