مسرحية هوامش لحسام الزريبي في دار الثقافة الرقاب: نحن محكومون بالأمل ...

تحوّل الهامش الى نص مسرحي مقاوم، من الهامش ولدت الفكرة وفيه ترعرت ليصوغها علي عامر في نصّ مسرحي يحاكي الواقع

ويسائل الموجود في عمل جمالي يدعو الى المقاومة بالفن، تحوّل الهامش الى شعلة متقدة من الامل ابدع في صياغتها اخراجيا حسام الزريبي وفي مدينة الرقاب بات الهامش موطنا للابداع للحلم ولكتابة طرق جديدة للنضال.

وهذه المرة اسم الحلم «هوامش» وهي مسرحية تعبّر عنهم، ولدت منهم ومن افكارهم، ومن مدينتهم، مسرحية من اخراج حسام الزريبي ونص علي عامر وواستشارة فنية صالح الجلالي وتمثيل عبير لعبيدي ونورة صالحي وانيس عكرمي ورياض عمري وبدر لعبيدي وكان تقني الاضاءةة والصوت حمة جلالي، هي صرخة ضدّ التهميش ودعوة للالتفات لمبدعي الهامش.

هوامش...من الهامش نصنع الوجود
يضيئون مسيرتهم بالعمل، ينحتون في صخور التهميش والنسيان، ينحتون في حجارة الالم ليصنعوا منها املهم في الحياة في المسرح وعلى الرّكح (الاسمنتي) يبدعون يكتبون احلامهم وأحلام ابائهم وأجدادهم وأترابهم في فعل مسرحي مختلف، يبدعون ليفتكوا حقهم في الثقافة، فهم ابناء «الهامش» ومن هوامش الهامش صنعوا هوامشهم الخاصة بهم، هوامش حوّلوها الى فعل ابداعي مميز اشرف عليه ابن الرقاب الحالم حسام الزريبي.

و»هوامش كانت في منطلقها فكرة راودتني منذ سنة 2017 بعد أن إعترضتني مقولة «أنظر إننا نعيش في عالم مليء بالمجاعات والجفاف والحرمان ، والألم ، عالم فيه كل أنواع البؤس والأسى ولكننا لا نستطيع أن نموت ، رغم المرض والتعب والوهن ، فكل شئ يمكن أن يولد من جديد» حدّ تعبير المخرج حسام الزريبي لـ«المغرب».

فهوامش عمل مسرحي لم يولد من الرخاء بل ولد من رحم المعاناة والم التهميش، عمل مسرحي ولد من فكرة مبدع يريد ان يستمتع أبناؤه بالمسرح ويشبّعوا بقيم المقاومة وحبّ الارض والدفاع عنها انطلاقا من الفن، هوامش مسرحية يقدمها ابناء نادي المسرح بالرقاب، عمل اجتمع فيه نصّ لكاتب حالم يكتب من الوجع وله قدرة على تحويل الم الحرمان املا لذيذا، ومخرج طموح متمسّك بحقه في المسرح ويريد ايصال هذا الحق الى كل ابنائه فكانت «هوامش» او «حكاية ولدت من دواخل الجمهورية، نص ولد من جديد، فبُعث مسرحية تسعى» كما يقول علي عامر كاتب النص وليس وحده طائر الفينيق من يبعث من رماده كذلك احلام المبعدين والمهمّشين.

هوامش مسرحية ولدت من الواقع وان كانت احداثها خيالية، مسرحية تعبّر عنهم، ولدت من الهناك من حكاية في داخل دواخل الجمهورية التونسية، حكاية بعيدة عن المركز، بعيدة عن البحر، بعيدة عن اهتمامات الحكام، بعيدة عن سياساتهم الثقافية ولا مركزيتهم لكنها قريبة من الحلم، قريبة من سكان الداخل من هواجسهم واحلامهم وانتظاراتهم هي مسرحية تسعى الى ملامسة العقول لا القلوب، بعيدة عن تجميل الواقع او تزيينه وقريبة كلّ القرب من صدق ابنائها في حبّهم للابداع.

هوامش...في الهامش كلما وئد حلم ولد اخر اجمل
الهامش عنوان للابداع، في الهامش تكتب الاحلام مختلفة، من الهامش تولد المقاومة الحقيقية، نصّ غير النص وحكاية غير الحكاية وفضاء عرض مختلفن في هوامش وظّفوا «المرمّة» الموجودة في دار الثقافة لتكون جزء من الحكاية، الاشغال التي لم تنته بعد «المادري، الابواب المكسورة، الاسمنت» استغلوها لتصبح عنصرا جماليا في العمل.

«هوامش» عرض مسرحي مدته 55دقيقية فجائعية تنطلق بزلزال وتنتهي بانتحار الناجي بن ابراهيم الناجي الوحيد من الزلزال، و «الناجي» تعبيرة عنهم، عن احلامهم المجهضة في التشغيل والحصول على الحقوق الاجتماعية وظروف العيش الكريم، «الناجي» هو انموذج عن احلام شباب مدن الداخل وامالهم المحكوم عليها بالإعدام تدريجيا، ورؤيتها الاخراجية كانت مبنية على التساؤل في كل مامضى وما سيأتي عن معانينا إنطلاقا من ذواتنا ، عن معنى الحياة نفسها . رأيت يا مفيدة أن العالم ونحن نحتاج الكثير من التغيير وفي تشريح لمفهوم التغيير علينا ايقاظ صور الواقع المتكلسة في عقولنا حسب تصريح المخرج حسام الزريبي.

«هوامش» فعل مسرحي مقاوم،هي قصّة خمس شخصيات عايشت فاجعة حدثت لبلادهم وتتمثل الفاجعة في رجّة أرض وزلزال انقلبت معه الكثير من المعطيات، حكاية نجد فيها خمس شخصيات هي سراب ونور وبورتلاق و الناجي والصافي، شخصيات تبحث طيلة العرض والمشاهد معها عن طريقة للنفاذ والهروب من غول الكارثة ، تتصاعد الأحداث فنجد الشخصيات في حالة العطش في صراع أزلي والكل كان مسؤولا عن حجم الكارثة وما خلفته من دمار فهوامش اذن شعرية مرئية قوامها جسد الممثل وعلاقته بالمتفرج، وكثير من الافكار المتشابكة والمتوالدة، افكار ربما عنيفة حينا وهي رغبة المخرج لتكون الصورة عنيفة كما الاحلام.

هوامش عمل مسرحي انساني، مسرحية تعبّر عن احلام ابناء الداخل وتكتبها على الركح لترسيخ فكرة المقاومة بالفن ، هي محاكاة ومساءلة لجدلية للواقع ولما وقع، هي ايضا مساءلة للذاكرة الجماعية المشتركة، مساءلة للذات وللاخر وهي أيضا مطية للمقاومة و»رسالتي من خلال هوامش الفن مقاومة لذلك قرر مسرحنا المقاومة رغم تردي كل الأوضاع» كما يقول مخرج المسرحية.

هوامش مسرحية حديثة الولادة، تستحق المشاهدة، عمل فني ينطلق من الداخل ليتحدّث عنا عن كل التونسيين، مسرحية شجعتها الفنانة ليلى طوبال ، عمل جمع ثلاثة أجيال مسرحية من ابناء الرقاب جمعهم الحلم والفنّ فهناك محكوم عليهم بالأمل والمسرح املهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115