المركب الثقافي تطاوين: معرض «انفعالات خطية» لاحمد الغديري

للخط انفعالاته، للخط قدرته على كتابة الواقع وتحويله الى لوحة فنية تميز صاحبها وتنقل فرادة افكاره واختلافه، الخط كما النفس ينفعل ويتفاعل،

يؤثّر ويتأثّر بالواقع وبالموجود ويكتب المنشود، الانفعالات البشرية والفكرية يكتبها الخط نراها في المرآة صورة مكتملة وفي لحظات التشظّي يبدع الفنان في اعادة تجميع الفكرة وصياغتها من جديد في انفعالات خطيّة.

هي تجربة تبحث عن عالم جديد و تطمح إلى خلق فضاء تشكيلي مميّز، هي إذن اختراق متواصل للزمان والمكان و إصرار على بعثهما من جديد، أجسام تشقّها انفعالات ، وتوتّر يبنى بالفراغات، فابنها بتأمّلك، فسرعان ما ترتدّ إليك إشكاليات و أفاق وانفعالات خطّية تجربة تأملها ببصيرتك لا ببصرك وخذها على البساطة كما يقول صاحب الانفعالات احمد الغديري.

الفنان يخلق حياة من الانكسار
الفن هو اعادة الخلق، الفنان كما الخالق يخلق من العدم تحفة فنية ابداعية تعبر عن افكاره وهواجسه الى الخلق و بعث الحياة من تلابيب روحه في اللاشيء، من البلور المكسور تحديدا من المرآة المكسورة ولدت فكرة معرض «انفعالات خطية» فتلك المرآة المكسورة امامي الهمتني لأعيد تركيبها وإعادة شظاياها لتصبح عملا فنيا من جديد منا يقول احمد الغديري لـ«المغرب»، من شظايا مرمرية مجزءة اعيد تركيبها لتصبح أعمالا فنية تجمع الكاليغرافي والنحت والخط العربي تجمع تلوينات ومدارس مختلفة تنطلق من الخط العربي وفكرة صاحبها باعادة تركيب تلك الجزئيات.

فاحمد الغديري في معرضه «انفعالات خطية» يصنع الامل من الشظايا، يعيد تركيب الجزئيات المكسورة في اعمال تشكيلية يكون المشاهد جزء منها، يتأثر باللوحة وتكون صورته داخل اللوحةّ، لك ان تقف امام اللوحات تتأملها تحاول تحليلها لتكشف ان العالم الخارجي داخلها، تاثر بها وتأثرت به فانعكست صورتك وربما فكرتك ايضا،فانفعالات خطية هي انعكاس للاخر داخل فضاء اللوحة، الحيز المكاني الذي يحتله العمل ومقاييس اللوحة تختصر الفكرة وتملأ الفضاء بانفعالات اخرى تلتحم مع انفعالات الفنان لتعيد تشكيل الموجود وتصيــــغ المنشود فانفعالات خطيــــة تجربة تبحث في ذاتها وتُفكّر في مصيرها هي التي تجعل من الفضاء إشكاليّة.وتولّد من الاشكالية فضاء تشكيليا كما يقول الفنان.

الخط العربي نقطة الولادة
الفن عنوان للهوية والذاكرة ايضا، من ذاكرته انطلقت رحلة الفنان احمد الغريبي مع الفن التشكيلي، هو النحات الذي عشق كل تلوينات الفنون وخاض تجربتها ليكون الخطّ العربي نقطة الانطلاق والوصول فالخط العربي الذي يقول عنه الرسام الاسباني بيكاسو «انّ اقصى نقطة اردت الوصول اليها وجدت الخط الاسلامي سبقني اليها»، فما بالك بفنان عربي يعي بقيمة هذا الخط وجماليته «الخط العربي عودة الى التأصل ومهما نبعد ونبتعد تكون العودة الى الاصل الى الخط والزخارف العربية عنوان كلّ ابداع تلك الرموز حمالة الدلالات والمعاني» كما يقول الغديري.

وفي اعماله الخطية والحروفية الكثير من المعاني التي تعبّر عن الواقع وقضاياه، فانفعالات خطية وان انطلقت من الخط العربي لا تنطفئ على الماضي او تتقوقع داخله وانما تعبر عن الراهن ومشاكله كما لوحة المفكر او الحرية او طائر السلام وصرخة، كلها تعابير عصرية تنطلق من الخط العربي وانكاسارات المرآة لكتابة هموم الحاضر كما يراها الفنان احمد الغديري.

فالانفعالات التي يجدها محب الفن التشكيلي في المركب الثقافي بتطاوين يقول عنها صاحبها هي رؤية ليست غريـبة عن عصرها،.فالمكان مكانها والزمان زمانـها والأحلام أحلامُـها ، يتشظَّى عصرُها فتُحاكـيه ويُحاكــيــها.، هي رُؤية جـديدة فلا تـنظر إلـيـها بـعين قـديــــمة.

لوحات تعبر عن التشظّي واخرى تكتب الواقع وثالثة تحمل هواجس الفنان، اعمال فنية ابدع في تشكيلها الفنان منطلقا من ذاكرته وحبه للخط للعربي ومنفتحا على الفنون الاخرى فهو النحات الحالم بتجميع جزئيات المرآة واعادة كتابتها كطفل محب لتركيب قطع الـpuzzle يتفنّن في جمعها واعادة تركيبها وإعادة خلط الافكار والمفاهيم ثم وضعها في عمل فني يكون المتفرج الزائر جزءا منه، بفكره وصورته المنعكسة في جزئيات المرآة.

الفن اعادة تشكيل للعدم وبعث للحياة في قطع مرمية منسية، الفنان التشيكيلي قادر على مزج فنون وتلوينات مختلفة واجسام صلبة ولينة ليقدم منجزه الفني المختلف، منجز ينطلق منه من افكاره وتأملاتها لينقلها الى المتقبّل ويجعله جزءا من منظومته الفنية، الحروفيات والخطوط والألوان جميعها تكتب رحلة الفنان وتوثقها ذاك الذي يصنع احلامه ويلوّنها باجمل الالوان ليكتب ولادته الجديدة والمتجدّدة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115