بالماء من خلال الدورة الرابعة لتظاهرة «عرائس الماء» التي تنظمها المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ضمن البرنامج الوطني «مدن الفنون» تظاهرة تحتفل بكل الفنون.
وعرائس الماء تظاهرة ثقافية سياحية تعرف بالموروث الثقافي والحضاري لزغوان وتقدم للزائر لمحة عن تاريخ المدينة ومميزاتها المعمارية، تظاهرة تعيد احياء اسطورة عروس المعبد من خلال الفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح ايام 28و29و30جوان الجاري.
زغوان قطب سياحي وثقافي
مدينة تغريك بالزيارة، مدينة في اعلى الجبل ميزتها اللون الاخضر تحتضنها الجبال كأميرة شامخة، مدينة ولدت من صلب جبل زغوان فكانت «زيكا» ابنته المدللة، مدينة خضراء مدينة المياه بامتياز فاسم المدينة مشتق من المياه؛ وذلك بسبب وفرة مياهها، إذ إنَّ (Ziqua) ترتبط بالكلمة اللاتينيّة (Aqua) والتي تعني الماء.
فزيكا الاسم الروماني لمدينة المياه بامتياز وسيدته في ربوع البلاد التونسية، مدينة زغوان التي توجد في الجهة الشمالية الشرقية من العاصمة تونس وتبعد عنها قرابة 51كلم، مدينة المياه زغوان تحتفل بهذا الموروث من خلال الدورة الرابعة لتظاهرة «عرائس الماء» التي تنظمها المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بزغوان ومجموعة من الادارات والجمعيات المحلية بالمدينة.
زغوان سيدة الماء هناك حيث يوجد معبد المياه وهو عبارة عن أثر رومانيّ مميز في المدينة، ويعود بناؤه إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وعلى يد الإمبراطور «إيدريان» الذي جعله مكاناً للتعبد، وتنبع أهمية هذا المعبد من كونه المزود الرئيسي لسكان قرطاج؛ حيث كان يُزودهم بالماء الصالح للشرب، وبالتالي فإنَّ معبد الماء أكبر شبكة نقل الماء في المنطقة وكأننا بالشاعر يقول:
«وفي زغوان فاستعلي علوّاً وداني في تعاليك السحابا»
معبد المياه قبلة محبي التاريخ والمولعين بالحضارات القديمة وسحر الماء وجمال الالهة، في ذلك المعبد الشاسع الذي اصبح مزارا لكل من يزور مدينة زغوان المعبد الروماني الذي لا تزال اثاره موجودة الى اليوم تدعو الزائر لاكتشاف حضارة المدينة وتاريخها وقدسية الماء عندها، تلك الاثار الممتدة من جبل زغوان الى قرطاج.
زغوان مدينة المياه، مدينة تحيط بها العيون المندفعة من الجبل، المدينة والتي لا تبعد عنها كثيرا القرية الامازيغية «الزريبة العليا» مدينة بنيت على الموقع الروماني القديم «زيجوس» وترتفع 1.295متر عن المنحدر الشمالي الخصب لجبل زغوان، مدينة الرومان والمسلمين ثم باتت قبلة الاندلسيين والموريسكيين الذين هجّروا الى تونس.
زغوان مدينة الحب فالماء عنوان للحب وللحياة، مدينة تتوفر فيها كل العوالم الثقافية والحضارية لتكون وجهة سياحية وثقافية، زغوان الحنايا الرومانية التي لا تزال شاهدة على عصرها، زغوان المقامات الاندلسية الشاهدة على احتضان المدينة لهم ولعاداتهم وموروثهم المعماري والثقافي الذي بات جزء أساسيا في النسيج المعرفي لزغوان.
زغوان ايضا تشتهر بـ (كعك الورقة الأندلسي) والمقربطة (أكلة تراثية تعود الى الحضارة العثمانية القديمة) ومقام الولي سيدي علي عزوز الى جانب جبلها المتفرد بخضرته اليانعة وقد ولع أهالي زغوان باستخراج العطورات من أزهار النارنج والعطرشاء والورد وخاصة النسري وجعلوا له مهرجانا سنويا فزغوان مزيج من كل الثقافات والحضارات مزيج من تلوينات الحياة التي يكون مصدرها الاساسي «الماء».
عرائس الماء: احتفاء بالحياة
المياه نبع للحب، خرير المياه عادة ما يصنع سيمفونية الطبيعة الساحرة، المياه الشفافة كما احلام العشاق، المياه في زغوان مقدسة لا لأنها «اساس الحياة» فقط وإنما لأنها رمز للهوية وللحضارة، رمز لتاريخ المدينة وعراقتها ومن فكرة قدسية الماء ولد مهرجان عرائس الماء الذي بلغ من العمر اربعة اعوام ويحتفل بالماء وبكل تلوينات الحياة المنبثقة عن الماء.
من معبد المياه تكون نقطة بداية المهرجان مع معرض «اضواء على التراث الاندلسي» بمقام سيدي علي عزوز بمساهمة وكالة احياء التراث وصاحب المقام رجل دين، وتميّز بدوره السياسيّ الذي ساعد على تعزيز الأمن داخل الدولة المراديّة في عهد محمد الحفصيّ، وكذلك تعزيز الأمن مع الدولة الحسينية، وكان له دور في انتشار الطريقة العزوزيّة في تونس وزغوان.
وجاء في الموسوعة التونسية انه «ونظرا إلى أهمية المكانة الروحية والعلمية والاجتماعية لسيدي علي عزوز فقد انتشرت الزوايا المنتسبة إلى طريقته، منها زوايا رأس الجبل ثمّ تستور وتونس، ونابل وصفاقس وأقيمت له زاوية أخرى بمدينة تونس في باب قرطاجنة إضافة إلى تلك التي توجد في النهج المسمّى باسمه»، والوكالة ستقدم معرضا عن تاريخية المقام ووميزات العمارة الاندلسية في جهة زغوان.
ثم يكون الموعد في الخامسة والنصف مع لقاء فكري عنوانه «الماء ذاكرة المتوسط» ومحورها الماء في الموروث الشعبي المتوسطي ينشطها الاستاذ حاتم بوريال بحضور ضيوف من بلدان متوسطية ويختتم اليوم الاول بالحكاية مع عرض الفداوي لنجوى قتايتي وذلك بفضاء سيدي مسعود.
تتواصل فعاليات الاحتفاء بالماء ويتواصل معها الشغف بالجمال عبر افتتاح مسابقة اختيار ملكة جمال عرائس الماء، ثم اللقاء الموسيقي مع عرض «عروس المعبد» لجواهر بالسودة واختيار لملكة جمال عرائس الماء فلقاء فني اخر مع الفنان ايمن لصيق واختيار لأفضل قصة قصيرة مستوحاة من «اسطورة عرائس الماء بزغوان» التي فتحتها جمعية احباء المكتبة والكتاب بزغوان .
وتختتم الدورة الرابعة للمهرجان الاحد30جوان مع «عشقة بين الزناقي»ن عشق يولد من الالوان، عشق يكبر مع الخط وحركة الفرشاة وطريقة تحديد الصورة عشق المكان يقدمه شباب من خلال الفنون، الرسم و التصوير الفوتوغرافي والفن المعاصر تلتحم هذه الفنون وتتوالد افكار المبدعين لتقديم عشقة زغوان، عشقة خاصة بقدسية المياه وسحرها لتكون زغوان دوما اسطورة للماء في ربوع هذا الوطن.