في عيد الموسيقى: الكل سواسية أمام الحق في الثقافة

الموسيقى دين الانسانية دين الصادقين والحالمين، الموسيقى عنوان للتحرر للحياة ولكتابة واقع اخر والخروج من عوالم الموجود الى المنشود،

الموسيقى الياذة للحياة و للحب والموسيقى في الفضاءات السجنية والأحياء المهمشة تكون اصدق وأجمل اذ لا يحب الموسيقى سوى الذين يتعذبون في الحياة كما يقول ايميل سيوران.

وبمناسبة اليوم العالمي للموسيقى عمت بهجة الموسيقى كلّ الفضاءات السجنية و الاصلاحيات والمراكز المندمجة لتقدم للزائر انموذجا عما تفعله الموسيقى في الانسان وكيف تغيره الى الافضل ورغم الجدران او التهميش تكون الموسيقى وسيلة للحلم والتظاهرات داخل السجون نظمت بالشراكة بين وزارة الشؤون الثقافية والإدارة العامة للسجون والاصلاح والمندوبيات الثقافية بن عروس ومنوبة والإدارات المحلية لتكون الموسيقى صوت الحرية والحياة.

الموسيقى تطرب الجميع
احتفلت تونس يوم الجمعة باليوم العالمي للموسيقى، احتفالات اشرفت عليها وزارة الشؤون الثقافية بالتعاون مع المندوبيات الجهوية والادارات المحلية الموسيقى صدحت بنوتاتها المختلفة في العديد من الاحياء على غرار حي التضامن بالعاصمة، في ذلك الحي المهمّش و الاكثر كثافة سكانية علت اصوات الموسيقى والنغمات الصوفية، اغان تونسية تعبّر عنهم وتنبع من مشاكلهم، في ساحة مفتوحة كانت الاحتفالات ليستمتع الاطفال بالوان البوسعدية، احتفال بالموسيقى بالحياة واحتفال يكرس لدستورية الثقافة وحقهم في التمتع بكل التلوينات الفنية كما يضمنها دستور الجمهورية التونسية.

نزيلات السجن يصنعن فرحة الزائر
الموسيقى لا تحتاج الى جواز سفر، نوتاتها تتجاوز الحدود المكانية والجغرافية، الموسيقى لا تحتاج إلى وساطة فهي تخترق القلب مباشرة لتمتع الروح وفي هذا السياق كانت الاحتفالات في كلّ مكان.

احتفالات بالموسيقى وقدرتها على التأثير الايجابي في الارواح المنهكة والنفوس المتعبة، هناك خلف القضبان والجدران السميكة لم تمنعهم قسوة فقدان الحرية من الغناء من الرقص ففي سجن منوبة كان للنزيلات نصيبهن من هذا الاحتفال العالمي، كان لهنّ نصيب من الابداع واثّثن حفلة موسيقية داخل اسوار السجن غنت فيها احدى السجينات، بلباس بسيط ودون مساحيق كما تغني الفنانات على الركح، هي اكتفت بشجن صوتها ورقته لتمتع زميلاتها من نزيلات السجن وتغني للحلم لامل يتجاوز الجدران ويحلق في سماء الحرية غناء وفرصة اتاحتها ادارة السجن لمنخرطات نــــــادي الموسيقــى بالسجن ليؤكدن انّ السجن لا يمنع الابداع.

ومن داخل اسوار السجن التقت السجينات مع الفنانة نجوى العرفاوي التي قدمت وصلات غنائية من التراث لتمتع الجمهور من نزيلات السجن اللواتي حوّلن الوجع الى فرح وصنعن من أهات السجن والهم لحظات من المتعة الصادقة.

وفي تصريح صحفي اشارت مديرة سجن النساء بمنوبة جميلة صميدة إلى أن نادي الموسيقى الذي بعث منذ سنوات ساهم في صقل مواهب السجينات وإضفاء أجواء ترفيهية ثقافية وقام إلى جانب بقية النوادي والأنشطة المتنوعة بدور كبير في فك عزلة السجينات، وتخفيف فترة سجنهن، فنادي الموسيقى لبنة للابداع والحياة وإعطاء الفرصة للنزيلات ليحلمن ويغنين هي فرصة للاصلاح واستعادة الثقة بالنفس التي ربما يزعزعها السجن.

الاطفال الجانحون لهم نصيب من الثقافة
هم الاجمل وان قست الظروف، يسكنهم وجع الجدران وحلم الخروج ومعانقة العالم الخارجي والخوف منه أحيانا الخوف والألم يحولونه الى اغاني «راب» ليصرخوا بأعلى صوت مطالبين بالحرية بالحياة، يغنون وينقدون السلطة والنظام ويلعنون الفقر والتهميش في اغاني الراب المصنفة انها اغان تولد من الهامش وتعبّر عنه، اغان رافضة للنظام والكلاسيكي متمردة تريد البديل دائما.

وفي مركز الاطفال الجانحين بالمروج كان لقاء هؤلاء الاطفال مع موسيقى الراب تفاعلوا معها وغنوها، صرخوا للحرية وتماهوا مع «كافون» في ادائه لتلك الاغاني الناقدة،ففئة الاطفال الجانحين عادة ماتكون اعمارهم جدّ حساسة وشخصياتهم هشة لصعوبة المواقف التي دفعتهم الى ذلك المكان والموسيقى قادرة على اعطائهم نفسا من القوة وارجاع ثقتهم بالاخر والحياة (كما شاهدنا في مسلسل المايسترو لرمضان 2019).

احتفالات بعيد الموسيقى في كل مكان، احتفالات بالحياة، احتفال بتعابير الجمال ومحاولة نسيان بؤس الواقع او قسوته خاصة داخل المؤسسات السجنية والإصلاحية وقد عملت وزارة الشؤون الثقافية منذ عامين على ارساء اتفاقيات مع وزارة العدل والمؤسسة الاصلاحية والسجنية ليكون النشاط الثقافي حركة حقيقية وفعلية داخل المؤسسات السجنية، فأضحت توجد نواد للفن التشكيلي وتعرض اللوحات خارج السجن مثل معرض سجناء المسعدين ونوادي للمسرح تقدم اعمال مسرحية في تظاهرة ايام قرطاج المسرحية نذكر مسرحية «برباشة» التي انتجها سجناء سجن المهدية، ونواد موسيقية اثثت لاحتفالات اليوم العالمي للموسيقى.

احياء التظاهرات الثقافية والفنية داخل السجون أو التي تكون السجون جزءا منها يتنزل في باب «الثقافة للجميع» التي يضمنها الدستور حسب تصريح الوزير الذي اكّد انّ «وزارة الشؤون الثقافية حرصت من خلال البرنامج الوطني: الثقافة التضامنية والاجتماعية على أن لا تستثني أحدا سواء أكانوا مساجين أو أصحاب حاجيات خصوصية أو مسنون بدور الرعاية وغيرهم من بقية الفئات الاجتماعية» وفي هذا الباب كانت الاحتفالات بعيد الموسيقى في المؤسسات السجنية والإصلاحية لامتاع نزلائها وتشريكهم في الفعل الثقافي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115