وإرشادهم إلى طريق الهدى، واضعا نصب عينيه قول الله تعالى ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين (فصلت : 33).
ويتسع معنى الحديث ، ليشمل محبة الخير لغير المسلمين ، فيحب لهم أن يمنّ الله عليهم بنعمة الإيمان ، وأن ينقذهم الله من ظلمات الشرك والعصيان ، ويدل على هذا المعنى ما جاء في رواية الترمذي لهذا الحديث، قال صلى الله عليه وسلم «وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما».
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أسوة في حب الخير للغير، فهو عليه الصلاة والسلام لم يكن يدّخر جهدا في نصح الآخرين، وإرشادهم إلى ما فيه صلاح الدنيا والآخرة، روى الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر رضي الله عنه : «يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرنّ على اثنين، ولا تولين مال يتيم».
أما سلفنا الصالح رحمهم الله، فحملوا على عواتقهم هذه الوصية النبويّة، وكانوا أمناء في أدائها على خير وجه ، فها هو ابن عباس رضي الله عنهما يقول : «إني لأمر على الآية من كتاب الله، فأود أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم»، ولما أراد محمد بن واسع رحمه الله أن يبيع حمارا له، قال له رجل : «أترضاه لي؟، فردّ عليه : لو لم أرضه لك ، لم أبعه»، وهذه الأمثلة وغيرها مؤشر على السمو الإيماني الذي وصلوا إليه، والذي بدوره أثمر لنا هذه المواقف المشرفة.
ومن مقتضيات هذا الحديث، أن يبغض المسلم لأخيه ما يبغضه لنفسه، وهذا يقوده إلى ترك جملة من الصفات الذميمة ، كالحسد والحقد، والبغض للآخرين، والأنانية والجشع، وغيرها من الصفات الذميمة، التي يكره أن يعامله الناس بها.
وختاما : فإن من ثمرات العمل بهذا الحديث العظيم أن ينشأ في الأمة مجتمع فاضل ، ينعم أفراده فيه بأواصر المحبة ، وترتبط لبناته حتى تغدو قوية متماسكة ، كالجسد الواحد القوي ، الذي لا تقهره الحوادث، ولا تغلبه النوائب ، فتتحقق للأمة سعادتها، وهذا هو غاية ما نتمنى أن نراه على أرض الواقع ،