يفيد هذا الاسم تحقق اختصاص الله تعالى له بالفرادة وعلو الشأن، ورفعة الأخلاق بَينَ الأنام، وكَرم المَنشَأ وطيب السريرة على مرِّ الأزمان. كما أنَّ سيدنا محمدا، عليه الصلاة والسلام، هو الوحيد الذي أكرمه الله تعالى بالجاه الرفيع، والقدر السامي البَديع، حتى أحَبَّه المؤمنون وأعزُّوه، وارتاحت له قلوبهم، وعلى نفوسهم آثروه.
وهو «الوحيد» الذي أرسله الحق تَعالى، رَحمةً للعالمين، وعند ذِكْرِه تَعمُّ السكينة ويفيض الأمان، فلا يشاركه أحد في فضائله الكريمة ومعجزاته المنيفة، لا في الدنيا ولا في الآخرة. يقول الشاعر الحكيم :
فبالغ وأكثر لَن تحيطَ بوصفِه * أينَ الثريَا من يَدِ المُتَنَاول؟
وحَبيبنا المصطفى، عليه الصلاة والسلام، هو الوحيد في السيادة على مَن سِواه مِن المَخلوقات، وهو الفريد في كمال الشريعة الغَرَّاء، التي منَّ الله تعالى بها عليه، بما فيها من أحكامٍ دينية وفضائل روحية، وهو صلى الله عليه وسلم في الذروة العليا من مكارم الأخلاق، وطيب الأعراق، وإخلاص الأشواق، وصفاء الأذواق، لأنَّه كمالٌ عَلى كمالٍ. وقد مُدح، عَليه الصلاة والسلام، بهذيْن البَيتَيْن:
وَأحسن منكَ لم تَر قطُّ عَيني * وأجمل منك لم تَلد النِّسَاء
خلقــــــت مُبَرَّأَ من كلِّ عَيبٍ * كـــــــأنكَ خُلقت كَما تَشَاء
وَوَحدَتُه، صلى الله عليه وسلم، في فَرادَة المقام الذي اختصَّه به الله تعالى، فلم يُشاركه فيه غيره من العَالَمين، وهي فذاذةٌ في كمال الصفات الخُلقيَّة والخَلقية فلم يبلغ أدناها أحدٌ من المخلوقين. وهو الوحيد الذي تَرَبَّع على عرش القلوب، وتَتَوَّج بتاج المشاهدات والغيوب، آثره الله تعالى بتمام المحبوبية، واصطفاه بِكَمَال الصدق والعبودية