فإنَّه سيُحرَم مِن النَّجاح المبهِر الذي يتغيَّاه ويقصِده مِن خلال القيام بشرائِع هذه الشعيرة الرَّمضانيَّة المباركة.
كما أنَّ عليه أن يرصدَ مِن نفْسه على نفْسه رقيبًا؛ لكي لا تنزلق النَّفْس بعدَ ثبوتها، ولا تنفصِم العُرَى بعد إحْكامها، ولا تنفصل الوشائجُ بعد شدِّ وثاقها.
إنَّه بحاجةٍ كذلك إلى محاسَبة النفْس فيما قصَّرت فيه مِن طاعة، وجاوزت فيه مِن معصية، وفرَّطت فيه في مُباح أوْقَعها لمكروه، ومَن حاسب نفْسَه بعدَ مراقبته إيَّاها، فعليه أن يعترِفَ بالخطأ الذي وقَع فيه، ويَستفيد منه لكي لا يتكرَّر مرَّةً أخرى، حتَّى تنجَح خطَّة التغيير وانطلاق مسيرة الانتفاضة التي يُريد نجاحَها وفلاح نفْسه بها.
كما يَنبغي عليه ألاَّ ينسى أهميَّة التعلُّم وطلَب العِلم لكلِّ ما يُريد فعله في هذا الشهر المبارَك وما بعدَه مِن الشهور، فالله تعالى يقول: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ (محمد: 19)، فقد رُوي أنَّ عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله تعالى - كان يقول: «مَن عمِل بغير عِلم كان ما يُفسِد أكثرَ ممَّا يُصلِح»
ولا ينسَ العبد أولاً وأخيرًا جانبَ الدعاء لربِّه؛ فالله - عزَّ وجلَّ - يقول في آيات الصيام: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (غافر: 60)، ورضِي الله عن قتادة إذ يقول: «ابنَ آدم، إنْ كنت لا تُريد أن تأتي الخير إلا بنشاط، فإنَّ نفسَك إلى السآمة وإلى الفترة وإلى الملَل أميلُ، ولكنَّ المؤمِن هو المتحامِل والمؤمِن المتقوِّي، وإنَّ المؤمنين هم العجَّاجون إلى الله بالليل والنَّهار، وما زال المؤمِنون يقولون: ربَّنا رَبَّنا في السرِّ والعلانية حتى استجاب لهم»؛ حلية الأولياء (2/ 336)