فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمئة ضعف، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة» رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
أفعال الله تعالى دائرة بين الفضل والعدل، فما من تقدير في هذه الحياة ، بل ولا شيء في الدنيا والآخرة ، إلا داخلٌ ضمن فضل الله وعدله، فرحمته سبحانه بالمؤمنين فضل، وتعذيبه للعاصين عدل ، وهو – جلّ وعلا – مع ذلك أخبر أن رحمته سبقت غضبه، وأن رحمته وسعت كل شيء، وأَمَرَنا أن نسأله من فضله وعطائه الجزيل .
وهذا الحديث الذي بين أيدينا خير شاهد على فضل الله تعالى على عباده المؤمنين، فالله سبحانه وتعالى لما حثّ عباده على التسابق في ميادين الطاعة والعبادة ، لم يجعل جزاء الحسنة بمثلها ، ولكنه ضاعف أجرها وثوابها عشرة أضعاف، كما قال سبحانه : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها (الأنعام : 160)، ثم ضاعف هذه العشرة سبعين ضعفا، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الله تعالى يُكاثر هذه الحسنات ويضاعفها أضعافا كثيرة ، لمن شاء من عباده .
وقد جاء في القرآن تصوير هذه الحقيقة في مثل رائع، يجسد فيه معنى المضاعفة ، ويقرّب صورتها إلى أذهان السامعين، إنه مشهد من يبذر بذرة في أرض خصبة، فتنمو هذه البذرة وتكبر حتى تخرج منها سبع سنابل، العود منها يحمل مائة حبة، ثم تتضاعف هذه السنابل على نحو يصعب على البشر عده وإحصاؤه، كذلك حال المؤمن المخلص لربه المحسن في عمله،
قال تعالى في محكم التنزيل : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم (البقرة : 261).