اللغو في أصل اللغة يدلّ على أمرين: أحدهما: يدل على الشيء لا يُعتد به. والآخر: يدلّ على اللهج بالشيء.
وحاصل كلام أهل اللغة في معنى اللغو أنه الكلام الذي لا فائدة فيه، وهو الذي يورد لا عن روية وفكر، فيجري مجرى اللغا، وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور.
ولفظ اللغو ورد في القرآن الكريم في أحد عشر موضعاً؛ جاء في عشرة منها بصيغة الاسم، من ذلك قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم (البقرة:225)، وهو أول موضع ورد فيه هذا اللفظ في القرآن الكريم. وجاء بصيغة الفعل في موضع واحد، وهو قوله تعالى وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه (فصلت:26).
ولفظ اللغو ورد في القرآن الكريم على ثلاثة معان:
الأول: اللغو بمعنى القول الباطل، من ذلك قوله تعالى: وإذا مروا باللغو مروا كراما (الفرقان:72)، أي: إذا مروا بالباطل فسمعوه، أو رأوه، أعرضوا عنه، ولم يلتفتوا إليه. والباطل كل كلام، أو فعل لا حقيقة له ولا أصل، أو ما يستقبح من الأقوال والأفعال. ونظير هذا قوله تعالى وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه (القصص:55)، قال الطبري: هو الباطل من القول.
وقال القرطبي: «أي: إذا سمعوا ما قال لهم المشركون من الأذى والشتم أعرضوا عنه، ولم يشتغلوا به». ومن هذا القبيل قوله سبحانه لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما(الواقعة:25)، قال الطبري: «لا يسمعون فيها باطلاً من القول. ومن هذا أيضاً قوله عز وجل: يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم (الطور:23)، قال الطبري: «لا باطل في الجنة». وأكثر ما جاء لفظ اللغو في القرآن وفق هذا المعنى.
الثاني: اللغو بمعنى اليمين التي لا يعقد عليها القلب، وإنما تخرج من اللسان من غير قصد ولا تعمّد، وعلى هذا قول الله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم(البقرة:225)،
الثالث: اللغو بمعنى مكروه الكلام والساقط منه، وعلى هذا قوله سبحانه لا تسمع فيها لاغية (الغاشية:11)، أي: لا تسمع في الجنة كلاماً ساقطاً غير مرضي. واللاغية مصدر مثل العافية، والعاقبة.
على أنه روي عن بعض التابعين تفسير اللغو بـ الشرك والكفر، كالمروي عن الضحاك في تفسير قوله تعالى: والذين هم عن اللغو معرضون (المؤمنون:3)، قال: إنّ اللغو هنا الشرك. وروي عن الحسن البصري أن المراد بـ اللغو في الآية هنا المعاصي كلها. وهو قول جامع.
وحاصل القول: إن لفظ اللغو في القرآن الكريم ورد أكثر ما ورد بمعنى القول الباطل، وورد بدرجة أقل بمعنى اليمين التي لا يؤخذ بها العبد، وورد بمعنى الكلام المكروه، وفسره بعضهم بمعنى الكفر والشرك، وأكثر هذه المعاني يتداخل بعضها ببعض، ويحتمل لفظ اللغو في بعض مواضع وروده أكثر من معنى.