حسب ما ورد بالرائد الرسمي والمناشير الحكومية التي تضبط التوقيت الاداري للعمل بصفة دورية وهو ما يكاد يحدث فراغا ثقافيا خاصة في الجهات الداخلية ممّا أجبر المندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية على التدخّل بتنظيم مجموعة من السهرات في الوقت الذي من المفروض أن تكون هذه المندوبيات ذات صبغة ادارية تشرف على البرمجة ودعمها ومتابعتها بعد إعدادها من قبل المؤسسات الثقافية على مستوى دور الثقافة والمكتبات العمومية.
تجد المندوبيات الثقافية نفسها مجبرة على برمجة السهرات الرمضانية في الفضاءات المفتوحة والحال أن توجهات وزارة الشؤون الثقافية ضمن مختلف برامجها واستراتيجية عملها هي الانفتاح على الفضاء العمومي لتأمين بلوغ رسالتها الثقافية وبرامجها وأنشطة مختلف مصالحها لأكبر الفئات الاجتماعية من مختلف الشرائح والأعمار تكريسا للمبادىء الدستورية ذات الصلة ولكن هل أن هذا التوجّه إلى الفضاء العام خلال السهرات الرمضانية كان محكوما بالواقع المستجدّ أو تكريسا للأهداف سالفة الذكر
من المعلوم أنه على مدار السنة كانت أغلب الانشطة الثقافية المنجزة بالفضاءات المفتوحة تندرج ضمن عدد من البرامج واستقطابا وتشريكا لمختلف الشرائح الاجتماعية وادماجا لعدد هام منها وخاصة من متساكني الأحياء ذات الكثافة السكانية والمقيمين في مراكز الادماج الاجتماعي ورعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخصوصية ومراكز الاصلاح والسجون ورعاية الاطفال في المؤسسة الثقافية لمساعدتهم على التفاعل الايجابي مع المجتمع وحسب خصوصية كل جهة ومن هذا المنطلق يبدو ان التوجّه بالبرمجة الى الفضاء العام ليس بسبب غلق المؤسسات الثقافية ليلا في رمضان بقدر ما هو يتناغم مع توجهات السياسة الثقافية الوطنية.
وبعد اطلالة وقراءة في مختلف هذه البرامج من المؤكد ان إلتزام بعض دور الثقافة بالعمل ليلا ليس من منطلق نقابي بالاساس بقدر ما هو ضرورة ملحّة تفرضها العلاقة الطبيعية بين المؤسسة الثقافية وروّادها وحفاظها على إلتزامها السنوي ببرمجة رمضانية قارّة ينتظرها المواطن واستجابة لطلبه كما ان هذه الوضعية المستجدّة فرضت الاقتصار في البرمجة على السهرات الركحية الموسيقية وبعض العروض المسرحية المحتشمة لتوفّر الفضاء الخارجي القادر على استيعاب هذه العروض كالمنتزهات أو الفضاءات الثقافية الخاصة أو المعالم الأثرية وتوفّر الاطار البشري العامل بحكم الاستنجاد بتدخّل البلديات في التنظيم وفي اطار شراكة قد تغني عن عزوف العاملين بالمؤسسات الثقافية عن العمل ليلا إلاّ أنه للأسف غابت عن أغلب هذه البرامج الانشطة الفكرية والادبية والمسامرات الليلية ذات الخصوصية الرمضانية والذي بات من المؤكّد والضروري إيلاؤها حقها من البرمجة مهما كانت الصعوبات سالفة الذكر.