فقد جَاءَ في شعب الإِيمَان أنَّ اسْمَ الرَسُول الأَعظَم، صَلى الله عَليه وسَلم، “حَاشرٌ”، يَدُلُّ عَلى عَظيم فَضل النبيء، وكَرَمهِ الذَّاتي والفعليِّ. والحَشْر هُوَ جَمع الناس فِي المَحشَر، وَلا يَكون ذلك الجمعُ إلاَّ عَلى عَظيم القوم، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وَسلم.
ففي يوم القيامة، لا يَستَطيع أحدٌ أن يُكلِّمَ غَيرَهُ من أهوال الساعة، فَالخلائق كلها منشغلَةٌ بتلك الأهوال، وبإلهامٍ من الله تعالى يلوذُ أهلُ المَحشر بالرَّسول العَظيم، يَستظلون بظل جاهه الكريم، فَيطلب الرسول مِن الله تعالى بَدْءَ الحِساب، ويُناجيه ويناديه لِيُخَفِّفَ الحسابَ عَلى أمته، فَيستجيب الله تعالى ويَجبُر خاطِرَه، ويَخلع عَليه حُلَلَ العزِّ والكَرَمِ، ويَفتح عليه بمحامد لَم ينطق بها من قبل.
يومئذ يكون لواء الحمد تَحته، آدَم فمن دونه، فَيقول عليه الصلاة والسلام: «أنَا الحَاشِر الذي يُحشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ»، أي ينتظمونَ في سلكه، ويَجتَمعون على مَقامه ومَوضع قَدَمه. يقول الله تبارك وتعالى في مُحكَم تَنزيله، وهو أصدق القائلين، :«وَحَشَرناهم فَلَم نُغادِر مِنهمْ أحدًا» إذ يَحشر الله الأولين والآخرينَ، بَعدما يقومون من قبورهم. ويَقول تعالى في آية أخرى: «قُل إنَّ الأولين والآخرينَ لَمجموعون إلى ميقاتِ يَومٍ مَعلومٍ».
وللتذكير فإنَّ «الحاشرَ» هو الله تعالى، أي إنَّ هذا الاسمَ من أسماء الله تعالى، ولكنه بمعنى جَامِع الناس، وبَعد تَمام الحساب يأذن الله تعالى للمؤمنين بدخول الجنة يَتَقَدمهم الملاذ الأعظم صلى الله عليه وسلم. فإذا أطلق الاسمُ على الرسول، صَلَّى الله عليه وسلم، صار المعنى الذي يجتَمِعُ الناس حوله يستجيرونَ به من شدَّة الأهوال، ويتوسلون به لبدء الحساب عندَ ذي العِزَّة والجَلال، ويستشفعون لَدَيهِ حتى يَتَكَرَّم بِمَنِّهِ الكبير المتعالِ. فصلوات الله وسلامه عليه بقدر النوال والأفضال.