وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين»، فقال تعالى : يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا (المؤمنون : 51)، وقال تعالى يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم (البقرة : 172)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمدّ يديه إلى السماء : يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذّي بالحرام ، فأنّى يُستجاب له؟» رواه مسلم .
الدعاء روضة القلب، وأنس الروح؛ فهو صلة بين العبد وربه، يستجلب به الرحمة، ويستعدي به على من ظلمه، ومن عظيم شأنه ، وعلو مكانه، أن جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أصل العبادة ولبها .
وإذا كان للدعاء هذه المكانة العظيمة ؛ فإنّه ينبغي على العبد أن يأتي بالأسباب التي تجعله مقبولا عند الله تعالى، ومن جملة تلك الأسباب : الحرص على الحلال في الغذاء واللباس، وهذا ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث .
ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى حقيقة مهمة وهي : «إن الله طيب، لا يقبل إلا طيبا»، فبيّن أنه سبحانه وتعالى منزه عن كل نقص وعيب ، فهو الطيب الطاهر المقدس، المتصف بصفات الكمال ، ونعوت الجمال ، ومادام كذلك، فإنه :«لا يقبل إلا طيبا» فهو سبحانه إنما يقبل من الأعمال ما كان طيبا ، خالصا من شوائب الشرك والرياء ، كما قال سبحانه في محكم كتابه: فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا (الكهف : 110)، كما أنّه تعالى لا يقبل من الأموال إلا ما كان طيبا ، من كسب حلال ، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في معرض ذكر الصدقة : «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه...» الحديث ، وهو سبحانه أيضا لا يقبل من الأقوال إلا الطيب، كما قال تعالى إليه يصعد الكلم الطيب (فاطر : 10).