بورتريه: دلفين الحمّامات الهادي فنّينة

وأنت تتجوّل في المدينة العتيقة بالحمّامات، تقودك أزقّتها الضيّقة إلى أشياء وأشكال فيها نوع من الغرابة (كراسي صفراء و خضراء، لوحات،منحوتات...) تصل أمام باب منزل مفتوح، هنا مرسمه أين يبعث في اللوحات

الروح لتصير إبداعا.

الهادي فنينة اختار أن يسلك طريقا صعبة ومربكة إلى عدة بلدان و منها بالخصوص ألمانيا التي تلقى فيها و منها الكثير. حكاية عمّ الهادي تقول الكثير و تكشف شيئا من البورتريه الناعم والحساس للفنان.

لمعرفة المزيد عن حياته الثرية يجب الغوص أكثر في أعماق حياة الفنان. كيف لا والكل يعلم أن عمّ الهادي نشأ وترعرع وقضّى طفولته والمراحل الأولى من حياته، تعلم أبجديات الحياة والقيم القائمة على محبة الآخرين والتسامح والانفتاح على الآخر في المدينة ذاتها وفيما جاورها. « فنينة» ينثر الألوان في اللوحات منذ أكثر من نصف قرن، يعود للمياه البحرية الصافية، يستلقي على سطح مركب عملاق يطرح الأسئلة، حاجة الإنسان للفن التشكيلي، وما الفن بعد ذلك، وفي ما يفكر الفنان المبدع وكيف يسوق فنه و كيف يعيش والمتلقي للفن والجمهور. إنها إشكاليات وجزئيات من بحر آخر من الحيرة التي تبرز على شاشة عملاقة هي تونس. عندها يشير صاحبنا بيده إلى مكتبه الذي عليه حزمة كتب يسافر معها. روايات ياسمينة خضرا الذي يجنن بفرنسيته الباذخة، «ألبار كامي» بفتنة سرده، نيتشه، وغيرهم.

عندما تستمع إلى الفنّان يشدك حديثه السردي رغم أنّ المعروف عن الفنانين أنّهم لا يحسنون الحديث عن فنّهم ويفضلون تقديم أعمالهم والانسحاب. وهذا بالطبع لا يخصّ الهادي فنّينة لأن بلاغته ورسالته في وجهه وكلماته متواضعة ودافئة.

إنّ الرّاغب في رسم «بورتريه» لهذا الفنّان يجدها عبر اللّوحات التّي أمضى السّاعات الطّوال على حسب تعبيره، في تخيّلها ورسم معالمها وإطارها قبل أن ترسمها أنامله على اللّوحة لتخرج إلى الجمهور حاملة أفكار صاحبها وخبايا نفسه والعالم.

فبالتّعويل على نشر الأنشطة الثقافية في أوساط العمّال والطلبة والجميع هادف لتوفير إمكانيات لهؤلاء تسمح لهم بعدم الوقوع في مظاهر الملل والسآمة والقلق ومختلف أشكال الفراغ الفكري والنفسي.

ويمثّل الاستثمار في الثّقافة أحد وسائل التّقدم العلمي والاجتماعي للشعوب خاصة في البلدان السّائرة في طريق النموّ، حيث لا يزال المواطنون في حاجة إلى زاد فكري يرفع الجهل والأميّة ينير السّبل أمام المستقبل وتعتبر الثقافة أيضا رافدا من روافد البحث العلمي والتكنولوجي دون الرجوع إلى الموروث الثقافي والفكري و إيصال ذلك التراث إلى الأجيال الجديدة بأساليب وتقنيات مبتكرة على غرار وسائل الاتصال القديمة منها والحديثة من انترنت ومواقع الكترونيّة وفظاءات للتواصل الاجتماعي.

وربما هكذا تتحقّق المعادلة الصّعبة بين الرّبط بالإرث الحضاري للماضي والتعامل بنجاعة مع الحاضر ومع أكناف المستقبل.

آية التازي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115