افتتاح مهرجان 4/4 للمسرح المحترف بجندوبة: عرض «حيّ على الحياة» لنوال اسكندراني

حيّ على الحياة، حيّ على الرقص، حيّ على الحبّ حي على التمرد فقد قامت ثورة الاجساد فلبوا النداء، حيّ على الابداع،

فهبوا واحلموا واكتبوا باجسادكم الياذتكم الخالدة، حيّ على الامل حيّ على النجاح قد قامت ثورة الافكار الحالمة فاحلموا وارقصوا ثمّ ارقصوا وبرقصاتكم عانقوا سماء الحب داخلكم.

الخشبة تستوعب كل الفنون، الخشبة هذا العالم السحري يحتضن كلّ تجليات الابداع، ضوء اصفر خافت يتوسط الركح، اجساد معلقة في السماء تتدلى وتقترب من ارض الخشبة تدريجيا فتلك الاشرطة البيضاء الموظفة في عالم السيرك جزء من عمل «حيّ على الحياة» للمبدعة نوال اسكندراني التي توسطت الركح وفتحت ذراعيها كملكة تتربع على عرش الرقص وتعلن الى الجميع ان موعد المتعة و الحب قد حان فارقصوا وقاوموا واحلموا والرقص عند نوال اسكندراني دين العشاق هو عنوان للحياة لنبض القلب وخفقانه لحركات الاقدام.

تختلف الحركات ومعها تختلف الموسيقى التي تصنعها الاقدام على الخشبة، تختلف الملابس ايضا اختلاف اصحابها واختلاف افكارهم ، حركات كما نوتات موسيقية او كلمات صور شعرية مبهرة صنعت نسق العرض وتناسق الراقصين فالرقص هو الشعر الخاص الذي تنظمه اقدامنا حسب جون درايدن وفي قاعة المركب الثقافي عمر السعيدي بجندوبة صنع الراقصون ملحمتهم الجسدية والابداعية فهم اطفال الرقص واطفال الحب يعشقون ما يقدمون، بابتساماتهم التي زينت وجوههم علامة الحب والنصر لان الرقص هو طفل الموسيقى والحب حسب جون دافير.

مع الرقص حضرت الموسيقى المباشرة فابدع جوهر الباسطي في كتابة تفاصيل الحلم والمقاومة بقيثارته الرقيقة وموسيقاها الصاخبة حينا والهادئة احيانا موسيقى تلامس أرواحهم وتصل إلى دواخلهم وتستكشف أسرارهم لتحولها الى نوتات موسيقية تصنع ملحة الحياة من خلال اغان كتبها جوهر الباسطي للعرض أغان بعضها يتغنى بالحب وآخر يعبّر عن وجيعة الوطن والأرض.

ولان اب الفنون يفتح ذراعيه لكل الفنون لكلّ انواع الرفض وتجليات المقاومة تكون تقنيات السينما جزءا من الكل مع «مابينغ فيديو» للمبدع الايطالي «سيرجيوغادزو» الذي حمل الجمهور الى العوالم الداخلية للراقصين، صاحب حكاياتهم ونقلها بتقنيات السينما في فيديو يلخص ما يعيشه الراقص وما يعانيه في الوقت ذاته لاواستعمال تقنيات الفيديو خدم العرض وابهر الجمهور المتشوق لكل تلوينات الفرجة، ولان الخشبة سيدة المكان يحضر المسرح ايضا من خلال حديث الراقصين وتوجههم بالخطاب الى الجمهور في كل مرّة للتعليق على حدث أو رقصة او تعبيرة ما فحيّ على الحياة عرض فرجوي متكامل عرض صنعته أجساد راقصين حالمين وثائرين وموسيقى مميزة وتقنيات فرجوية مبهرة جميعها تماهت لتصرخ ان حيّ على الحياة، حيّ على الابداع، الحياة تناديكم فلبوا نداءها واخلعوا عباءة السواد والخوف وارتدوا الوانا زاهية تنعش النفس كما في العرض.

«أنا جسدي، وجسدي فكرة»
هل تستقيم الحياة دون رقص؟ هل تستقيم دون ايقاع؟ هل يمكن ان نحلم في وطن لا راقصين فيه؟ هل نبدع ان اقصينا فنّ الرقص؟ حتما لا فالرقص حياة، حركات الاقدام وموسيقاها تماهي اصوات وصرخات الانتصار بعد كل حرب ، فالراقص كما المحارب كلما ازدات نسقات ايقاعه كلما ابدع والراقص مغامر وبحركاته يعاند الحياة «عندما ترقص لا يكون

هدفك الوصول الى مكان ما في ساحة الرقص، لكنك تحرص على الاستمتاع بكل خطوة وهكذا هي الحياة» كما يقول واين داير وفي «حيّ على الحياة» تكون اجساد الراقصين هي فكرة التحرّر والبحث عن طريق يمثلهم.

جميعهم اشتركوا في حبّ الرقص، اختلفت افكارهم وتعبيراتهم وانتماءاتهم الجغرافية والفكرية و حتى مهنهم لكن جمعهم حبّ الرقص، على الرّكح كلّ قدّم حكايته بحركات وتعبيرة تمثله مع ممابينغ الفيديو وان اختلفت الحركات فجميعهم أبدعوا وجميعهم كشفوا عن رغبة ذاتية في التحرر من كل قيود المجتمع والاخر والرقص، جميعهم أكّدوا أن الجسد فكرة فهاهي «المهندسة» تتساءل ان كانت تعاني انفصاما في الشخصية وهي راقصة الباليه مع الهندسة، ميدانان مختلفان جمعت بينهما وعلى الخشبة ابهرت الحضور بحركاتها الرشيقة ومميزات رقصات الباليه المبهرة، وتلك تعاني من «الشقيقة» الموجعة لكنها تحدت «سمّ الوجع» بالرقص فحرّرت جسدها من كل الامه بحركات مضطربة كما الوجع، وذاك الباحث عن هويته وجدها في الرقص، لكلّ منهم قصة جمعتها نوال اسكندراني في حكاية واحدة لتخبر العالم ان الشاب التونسي مبدع ومحب للحياة وليس فقط من «يحارب في داعش» او من «يحرق» الى اروبا او من «يقتل نفسه» فتونس ارض للابداع ايضا وللاخر قدمت صورة عن ابداعات التونسي عن مقاومته وتمسكه بفنّ الرقص وبجسده كفكرة مميزة ومختلفة.
«حيّ على الحياة» في جندوبة كان تكريما للحياة تكريما للابداع وللرقص خصوصا، عمل يسكنك بالاسئلة عن ماهية الجسد وعلاقته بالفكرة؟ أسئلة عن وضع الراقص اليوم في القانون ووضعيته الاجتماعية؟ هل للراقصين حقوقهم كبقية المبدعين؟ وهل الراقصون معترف بهم في خانة الابداع من قبل المتقبّل وهل كلمة «راقص» ميزة؟ أم «ثلب» اسئلة تجيب عنها نوال اسكندراني وجميع الفريق بالقول «الرقص حياة، الرقص مقاومة، الرقص فكرة، الرقص ابداع» فهلموا نرقص جميعنا، فالرقص مطيتنا لنصنع ذواتنا ونواجه الآخر.

مؤيد الغزواني: مبدع مختلف
ممثّل مبدع وراقص محترف له قدرة على اقناع المتفرج وله شحنة مختلفة في الاداء، مؤيد غزواني الراقص و الممثل من علامات القوة في عرض «حيّ على الحياة» ولانه ابن جندوبة كان العرض مختلفا بالنسبة إليه فحكاية مؤيد مع الرقص كانت حلما انطلق مع صديقه «آمن» معا حلما وكبر الحلم وترعرع، حلما بالموسيقى بالرقص بجندوبة اخرى يرونها مزهرة بكل تجليات الفن، حلم كبر لكن «آمن» غادر الحياة وترك الاحلام تثقل فكر صديقه، كلما تقدم الوقت كبر الحلم اكثر واستطاع مؤيد تحقيق جزء مما حلم به وصديقه فاختار الرقص و تميّز فيه اهداء لروح صديق لم يفارقه، مؤيد غزواني بكى على الركح اثناء تمرير الفيديو الخاص به، بكى بحرقة طفل فقد رفيقه وضحك بسعادة وليد وجد انيسه، لاول مرة وبعد سنوات يجد نفسه امام عائلته واصدقائه وطيف صديقه في جندوبة فكان أداؤه مزيجا من الوجع والفرح وكان أداؤه حقيقيا وخياليا ابدع فيه وتميز واشعل شمعة الفن لروح رفيق الفكرة وحلم الرقص، مؤيد غزواني ممثل مختلف يصنع لنفسه طريقا في عالم المسرح والرقص.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115