خصوصا بعد أن نجحت وزارة التربية حسب ما أفادتنا به إلهام بربورة وهي مكلّفة بمهمّة بهذه الوزارة في اعادة وبمتابعة نفسية ادماج 9 تلاميذ من مجموع 42 طفلا في مقاعد الدراسة في وقت قياسي على أن يتم قريبا لإعادة ادماج بقية الأطفال في المسار العادي للدراسة في المدارس أو توجيههم إلى التكوين المهني خصوصا وأن هذه الحادثة باتت اليوم محلّ اهتمام الجميع وخاصة على مستوى السلط الجهوية بولاية سيدي بوزيد من ذلك اشراف والي الجهة الاستاذ محمد صدقي بوعون في بداية الاسبوع الجاري على اجتماع اللجنة الجهوية لمراقبة الفضاءات الفوضوية للنّظر في إشكاليات عدد من الجمعيات ورياض الأطفال بالجهة ومدى استجابتها لكراس الشّروط وللنّصوص التّرتيبية المنظّمة لأنشطتها والى جانب هذه ألقيت مسؤولية هذا الخلل على وزارة الشؤون الدينية كغيرها من الوزارات ذات الصلة وللغرض حرصت هذه الوزارة لتكون عنصرا من عناصر مؤسسات الدولة المحاربة للارهاب وضمن خطة استراتيجية ذات صلة.
وللوقوف على خصوصيات هذه الخطة وجدواها إلتقت «المغرب» الاستاذ حكيم عمايري رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية الذي أقرّ في بداية الحوار بوجود أزمة قيم اعتبرها أزمة حقيقة وواقعية تتطلب جهودا جبارة لمجابهتها والتصدّي إليها وفي هذا الاطار أكّد محدثنا أن هذه الازمة الى جانب مقاومة التطرّف تتطلّب التوازن بين ما هو قيم كونية وقيم خصوصية باعتبار ان هذه الازمة مرتبطة في منظوره بجملة من التغييرات الإقليمية والدولية الراهنة في ظل عولمة موحشة ومن المفروض معالجتها من منظور العلوم الإنسانية معتبرا ان الحوار هو السبيل الأمثل لمجابهتها مؤكّدا ان لوزارة الاشراف دور كبير وهام في تكريس الفكر المتسامح والوسطي والمساهمة مع بقية مكوّنات المجتمع في مكافحة الإرهاب والتطرف ومن هنا وبعد تشخيصها وتوصيفها للواقع في علاقة أزمة القيم بالإرهاب وتحديد أولويات عملها المستقبلي جاءت خطة وزارة الشؤون الدينية الاستراتيجية لمكافحة الارهاب وذلك سعيا نحو تأسيس منظومة قيمية سوية تحفظ للانسان حياة آمنة معتبرا أن من بين أسباب انتشار الإرهاب تراجع القيم والفهم الخاطىء للاسلام في ظل تسييسه رغم ان الاسلام الصحيح يرتكز على قيم الرحمة والاعتدال والوسطية والخير وهي قيم مطلوبة في عصرنا الحاضر.
وأشار محدّثنا الى ان وزارة الاشراف حرصت ضمن هذه الخطة على المساهمة في نشر قيم الاعتدال الدّيني ومعالجة ظواهر الغلوّ والتشدّد والمساهمة في إشاعة قيم التّسامح والتعايش والحوار بين الحضارات والأديان و الشعوب و التشجيع على البحث العلمي في مجالات الدّراسات الإسلاميّة باعتماد مناهج الوسطيّة الإسلاميّة والتجديد وخاصة من خلال تخصيص جائزة تونس العالمية للدراسات الإسلامية والتي تهدف إلى تكريم الشخصيات العلمية وكذلك الهيئات الثقافية أو العلمية أو الأكاديمية ذات التأثير في الحركة الثقافية الإسلامية المعاصرة وتشجّع من خلال مكافأة مالية بـ 30 ألف دينار تونسي كل مبادرة أو بحث علمي يهدف الى إبراز قدرة الفكر الإسلامي على مواجهة التحدّيات الفكريّة والإجابة عن كل القضايا المستحدثة
وأشار محدثنا الى انزياح وزارة الاشراف عن دورها التقليدي الكلاسيكي الى رقمنة عملها والانفتاح على الآخر وخاصة الناشئة عبر جملة من الانشطة الثقافية الهادفة الى تكريس قيم التفتّح على الاخر والتفاعل الايجابي مع الوافد في اطار منظومة قيم انسانية بالأساس وتكريسا لمُقاربة جديدة بين الشأنين الدّيني والثّقافي ومن هذا المنطلق بعثت الوزارة جائزة وطنيّة
للقصّة القصيرة موجّهة للطّفل تتمحور حول «أحبّك يا وطني»بهدف ترسيخ الروح الوطنية لدى الناشئة كما فتحت الوزارة منابر للحوار مع الشباب بالفضاءات الثقافية والشبابية والتربوية وعبر طريقة تنشيطية تقوم على سلسلة عروض لمسرحية «إرهابي غير الربع» للفنان رؤوف بن يغلان باعتبارها تتطرق إلى موضوع الإرهاب لتكون هذه العروض منطلقا للحوار مع الشباب والوعاظ والأئمة وممثلي المجتمع المدني حول المفاهيم الدينية المغلوطة وكيفية الوقاية من الإرهاب والتطرف ومكافحتهما وتصحيح المفاهيم الدينية مع التركيز في هذه المنابر الحوارية على تفكيك المصطلحات وتصحيح المفاهيم وتقديم الرّدود العلميّة على الشّبهات وتقديم المرجعيات الدينية السليمة لمواجهة التضليل الفكري المتصلّب الذي تعتمده الجماعات المتطرّفة خصوصا وان العرض المذكور يتميّز بعمقه في طرح بعض الأسباب الدّافعة إلى تبنّي أفكار متطرّفة والانسياق وراء التيّارات والجماعات الإرهابيّة وهي عروض قدّمت منذ 5 جانفي الماضي بفضاءات دور الثقافة بسجنان من ولاية بنزرت وبن قردان من ولاية مدنين و الوسلاتية من ولاية القيروان وسيدي علي بن عون بسيدي بوزيد ودار الشباب بغار الدّماء من ولاية جندوبة وقد تمّ اختيار هذه المناطق حسب محدثنا باعتبارها كانت مسرحا للعمليات الإرهابية الغادرة أو كانت محل تهديدات إرهابية
كما تشتغل الوزارة في اطار هذه الخطة حسب الاستاذ حكيم عمايري على المسألة الحوارية كفضاء تشاركي مفتوح للجميع لتبادل الرؤى وفي هذا الاطار نظّمت الوزارة وفي اطار التعريف بــ»ميثاق الإمام» وبالتنسيق مع إداراتها الجهويّة سلسة من اللقاءات الحوارية بالجهات حول «رسالة الإمام الخطيب»وهي لقاءات تتنزل في إطار تنفيذا الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب وإيمانا بمحورية دور الإمام الخطيب في هذا المجال باعتباره صاحب رسالة تربوية تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي وقد سجّلت هذه اللقاءات مشاركة الأئمّة الخطباء و بحثت في محاور تتعلق بـرسالة الإمام الخطيب والاستقرار الاجتماعي والتأصيل الشرعي والقانوني و التربية الروحية و الأخلاقية وتعزيز المعرفة الدينية وتوّجت بورشات عمل أفضت الى جملة من المخرجات للاستئناس بها في إعداد «دليل الإمام» والذي يعدّ حسب محدثنا واحدا من عديد الآليات التي ستعتمدها الوزارة لتطوير الخطاب الديني وفق ما دعا إليه الدين الاسلامي ونص عليه الدستور والقانون حتى يكون خطابا بعيدا عن كل التجاذبات الحزبية والسياسة ومفيدا لرواد المساجد يحثهم على العمل وحب الوطن ويدعوهم إلى التفاؤل لأن تطوير الخطاب الديني قضية وطنية ويفترض التكوين والمشاركة في اللقاءات العلمية والتماهي مع الواقع المعيش ومتطلبات المجتمع أكّد محدثنا توجّه الوزارة الىتحديث البرامج والمناهج التعليمية بالكتاتيب وتحيين الدليل المرجعي للتربية بهذه الكتاتيب
وفي خاتمة هذا الحوار أكّد رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية أنه بات من الضروري اليوم مزيد تفعيل كل خطط الوزارات وخاصة وزارة الاشراف ذات الصلة بمكافحة ما يسمّى بـ»العنف الجهادي» و محاربة «التطرف» الذي انتشر بين الشباب وفي السجون وبات يمثل تحديا كبيرا للبلاد التي شهدت عددا من الهجمات الدامية ألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد وخصوصا السياحة وهو ما يتطلّب ضرورة مزيد تفعيل الحوار بين الدّيانات والحضارات والثقافات واعتماد مقاربة تشاركية شاملة تشمل المؤسّسات والمنظّمات المضمونية ذات العلاقة لصياغة استراتيجية وطنية مشتركة لدعم القيم ومقاومة التطرّف وايجاد كل الاليات التي تهدف الى تجذير النشء في هويته العربية الإسلامية عبر خطاب معتدل متفتح مبني على مقاصد الشريعة الإسلامية وفق منهجية تراعي احتياجاته ونضجه و إعداد برامج تلفزية وإذاعية وومضات تحسيسية لتعزيز القيم المشتركة وتطوير البرامج التكوينية والتربوية بهدف مزيد نشر الوعي الديني لمزيد تفعيل دور القيم.