ويندرج هذا الكتاب الجديد ضمن سلسلة مؤلفات اختار أن يُعرّف فيها بشخصيات مهمة في الثقافة التونسية بدأها بالشاعر الصغير أولاد أحمد من خلال «أحلام أولاد أحمد الضائعة» (الصادر في موفى 2018 ) بحسب ما أفاد حسونة المصباحي.
وأرجع اختيار التعريف بالمفكر الكبير العفيف الأخضر، باعتباره « أحد أهم المفكرين العرب لا فقط التونسيين، وهو مثال للمفكر الحقيقي الرائع، «مضيفا «وقد كنت أحد تلامذته وتعلمت منه الكثير».
وفي حديثه عن العفيف الأخضر، الذي ولد بمكثر سنة 1934، ذكّر حسونة المصباحي بأن هذا المفكر «كان محاميا شابا اصطدم مع النظام البورقيبي فاختار أن يعيش المنفى في أقصى درجاته وكان من القياديين المنظرين في الثورة الفلسطينية وأصيب بخيبة وقد عاش في باريس الى غاية وفاته سنة 2013».
وبيّن أنه كان « ناقدا راديكاليا للفكر العربي المحنط والفكر الديني بالخصوص »، مشيرا إلى أن آخر كتاب ألفه وهو على فراش الموت كان بعنوان «من محمد الإيمان الى محمد التاريخ » وهو عن الإسلام السياسي، وقد تضمن رسائل ينصح فيها التونسيين (بعد سقوط نظام بن علي) « بضرورة مقاومة الإسلام السياسي لأن الديمقراطية لا يمكن أن تقوم على أسس دينية ».
كتاب « وصايا العفيف الأخضر »، جمع فيه حسونة المصباحي حواراته مع هذا المفكر الكبير والرسائل التي تبادلها معه، قائلا إنه من القلائل الذين « أتحفهم العفيف الأخضر بمثل تلك الرسائل » والتي من بينها رسالة طويلة ضمّنها العفيف الأخضر « وصيته » وهي وثيقة نادرة اختار الكاتب أن ينشرها في هذا الإصدار الجديد سعيا منه إلى إطلاع القراء على جوانب من حياة العفيف الأخضر، « بطريقة سلسة وممتعة » ووفق توصيفه، «حتى يعرف الناس قيمة هذا الرجل المجهول في تونس في حين أنه مفكر كبير معروف جيدا في العالم العربي ».
وبالإضافة إلى « وصايا العفيف الأخضر » من المنتظر أن تصدر عن دار نقوش عربية كذلك رواية جديدة لحسونة المصباحي بعنوان « بارانويا » أو « لا نسبح في النهر مرتين » وهي تتعلق بالسنوات العجاف التي عاشتها تونس وفق ما بينه الكاتب موضحا أنها لا تتطرق إلى ما حدث في تونس في السبع سنوات الأخيرة فقط بل كذلك إلى حرب بنزرت والخلاف بين الزعيمين صالح بن يوسف والحبيب بورقيبة وغيرها من الأحداث الهامة التي شهدتها تونس ولكن بأسلوب روائي.
وبعيدا عن تقديم الدروس إلى الأجيال الحالية، قال المصباحي إنه يرغب من خلال هذه الكتابات إلى توثيق الذاكرة التونسية، فكما كتب عن قريته « حكاية جنون ابنة عمي هنية » وكتب عن القيروان الولاية التي ينحدر منها أو مونيخ (حيث كان يقيم من 1985 الى 2004) يريد حسونة المصباحي أن يوثق للأحداث والذاكرة التونسية بطريقة روائية لا بطريقة المؤرخ.
والروائي حسونة المصباحي، المولود سنة 1950، يحمل في رصيده عديد المؤلفات منها «الأميرة الزرقاء» و«هذيان في الصحراء» و «نوارة الدفلة» و«حكاية تونسية» و «يتيم الدهر» و «أشواك و ياسمين» و«يوميات الحمامات» و «بحثا عن السعادة» وقد ترجمت رواياته إلى عدة لغات منها الفرنسية والألمانية والانقليزية. وهو كاتب ينشر مقالاته ودراساته باستمرار في عديد الصحف والمجلات الألمانية والعربية المهاجرة.