إلى 2 مارس 2019، المخرج السينمائي التونسي الراحل الطيب الوحيشي، وذلك في إطار فقرة تكريمية تم إدراجها بمناسبة خمسينية المهرجان لتكريم عدد من الأسماء السينمائية الإفريقية التي رحلت خلال العام المنقضي (2018).
ويعد الطيب الوحيشي (16 جوان 1948 - 21 فيفري 2018)، علامة بارزة تركت أثرها على الساحة السينمائية العربية والإفريقية، وهو خرّيج معهد السينما بباريس، أخرج العديد من الأفلام الوثائقية والأفلام الروائية الطويلة من أشهرها فيلم « قريتي قرية بين القرى » الحائز على التانيت الذهبي في مسابقة الأفلام القصيرة لدورة أيام قرطاج السينمائية 1972 والفيلم الطويل « ظل الأرض » 1982 الذي توّج في أسبوع النقاد بمهرجان « كان » السينمائي.ونال الطيب الوحيشي جائزة لجنة التحكيم الخاصّة بالجزائر عن فيلم « غوري .. جزيرة الجدّ » وأحرز جوائز أخرى في مهرجانات ميلانو وواغادوغو وباري ومونريال وجوهنسبورغ وأمستردام. لم يمنعه حادث المرور الأليم الذي تعرّض له صحبة زوجته في سنة 2006 في أبو ظبي والذي تسبّب له في إعاقة من مواصلة نشاطه السينمائي.كُرّم خلال الدورة 24 لأيّام قرطاج السينمائية في سنة 2012 وكذلك خلال مهرجان الإسكندرية السينمائي سنة 2014.
وكان فيلم «همس الماء» آخر أفلام الراحل الطيب الوحيشي الذي تم تقديمه في شهر مارس 2018 للجمهور بعد رحيل صاحبه بأيام قليلة. في هذا الفيلم.اختار المخرج الطيب الوحيشي أن ينتقل بكاميراه في تتبّع رحلة «أنس» بين ماض مثقل بالذكرى الموجعة وحاضر مضطرب تسكنه الحيرة القلقة ...
في «همس الماء» يسرد المخرج حكاية «أنس» مخرج أوبرا في الستّين من العمر يعود من «المنفى» بعد الثورة ليختار مدينة سيدي بوسعيد سكنا وقصر «النجمة الزهراء» مسرحا لتمارين أوبرا «ديدو وآينياس» لهنري برسل التي حلم بإخراجها منذ أكثر من عشرين سنة مع حبيبته «عليسة». وبالرغم من تعامله في إحياء حلمه القديم مع المغنيّة المحترفة «لورا»، فإن «أنس» لم ينجح في التخلص من سيطرة صورة المغنيّة الأولى «عليسة» وطيفها وصوتها على ذاكرته وإحساسه ومسرحه...
وككلّ أفلام الطيب الوحيشي التي تتميّز بذائقة جمالية نوعية ومغايرة، فإن البطل يظهر في صورة الذات المُعذّبة في حيرتها الفلسفية التائهة في أسئلتها الوجودية...