بجناحين أو أكثر مثل الأستاذ محمّد رشاد الحمزاوي المحلّق في كوسموس ضروب المعرفة بأجنحة متنوّعة، لقد كتب الرواية والقصّة وأنتج البحوث العلميّة في مجالات المعجميّة وقضايا الألسنيّة، وأثرى الإعلام الثقافي بإسهامات كبرى في الحوليات والإنتاج التلفزي، درّس في عديد الجامعات وحاضر في المنابر والمعاهد العالميّة، كذا هو الفقيد وفقا لمداخلات زملائه وشهادات الأكاديميين والمبدعين الذين أثّثوا فعاليات الأربعينيّة التي نظّمها مؤخّرا المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون «بيت الحكمة».
إسهاماته في حقول المعرفة والثقافة والإعلام عديدة وبرحيله فقدت تونس علما من أعلام الثقافة والبحث الأكاديمي، بهذه العبارات افتتح رئيس المجمع الأستاذ عبد المجيد الشرفي اللقاء التكريمي مبرزا ثراء مسيرة الراحل علميا وإبداعيا، إذ جمع بين البحث العلمي في مجال المعجميّة والإنتاج الإبداعي رواية وقصّة ، إلى جانب المادة الإعلاميّة ذات العلاقة بالثقافة والأدب، وفي سياق أعماله الأدبيّة قدّم الأستاذ محمود طرشونة مداخلة حول أبرز روايات وقصص الحمزاوي، من بينها رواية «بودودة مات» الصادرة في ستينات القرن الماضي والمجموعة القصصيّة «طرننو تعيش وتربي الريش»، مؤكّدا تعدّد كتاباته التي شملت عديد الأجناس الإبداعية حيث كتب الأعمال المسرحيّة . كما ركّزت مداخلات أخرى على بحوثه العلميّة وتحديدا في مجالات المعجميّة واللسانيات حيث وضّح الأستاذان محمّد صلاح الدين الشريف وإبراهيم بن مراد دوره في تأسيس المبحث المعجمي في الجامعة التونسيّة، بل تتجاوز إسهاماته في تلك العلوم الخارطة التونسيّة لتشعّ عربيا وعالميا، مما يفسّر ما ناله من جوائز، إضافة إلى إشرافه على بحوث ودراسات بجامعات عربيّة ومجامع عالميّة. وعليه كانت المشاريع المعجميّة هاجسه المعرفي الجوهري لذلك «مات محمّد رشاد الحمزاوي وفي نفسه شيء من المعجم» على حد عبارة الأستاذة فاطمة الأخضر.