كانت اعادة دفن رفات شهداء معركة 1956 بجبل آقري في تطاوين بمقبرة في الجهة، وهو ما اثار استياء في صفوف الأهالي ورفض عدد من مسؤولي الجهة الحضور مطالبين بتأجيل ذلك الى حين الاعداد لجنازة رسمية وتكريم هؤلاء الاشخاص خاصة وان قائمة تحديد هوياتهم لم تحضر بعد واعتبر ذلك تسرعا من الهيئة حتى يحسب ذلك من ضمن أعمالها.
اعتبر اهالي الجهة طريقة الدفن إهانة للشهداء للمرة الثانية، إذ كان من المفترض تنظيم جنازة رسمية تخليدا لذكراهم يحضرها أهالي الجهة حتى ان رئيس بلدية تطاوين رفض المشاركة في عملية الدفن ودعا الهيئة للتريث والتنسيق لإجراء جنازة مهيبة، لكن الهيئة أصرّت على دفن الرفات نظرا لضيق الوقت، واقتراب موعد انتهاء مهامها يوم 31 ديسمبر القادم .
الدكتور علي رضوان غراب عضو هيئة الحقيقة والكرامة افاد في تصريح لـ«المغرب» ان الهيئة اشرفت على موكب دفن رفات الشهداء الذين سقطوا نتيجة غارات فرنسية على جبال أقري بولاية تطاوين بين شهري أفريل وماي 1956، وان ذلك جاء بعد حصولها على إذن قضائي وقد تم الاستعانة بخبراء في هذه المسألة، وان عملية الدفن لا تمنع الاهالي او السلطات الرسمية والمحلية من تغيير مكان الدفن ، والحديث عن نيل شرف هذه العملية اوان تحسب لفائدة الهيئة غير صحيح لكن هناك ضغط الوقت هو الذي جعل من الهيئة تسرع في عملية دفن الرفاة وبإمكان الاهالي او المعنيين بالأمر وضع نصب تذكاري في احدى المناسبات الوطنية وذلك بعد الانتهاء من تحديد هوياتهم خاصة وان القائمة لم تصدر بعد باعتبار ان تحاليل علمية دقيقة جدا تتطلب الكثير من الوقت.
وأوضحت الهيئة في صفحتها الرسمية بـ«فايسبوك» أن أعمال التقصي لديها اثبتت «حصول معارك بجبل اقري بمعتمدية قرماسة التابعة لولاية تطاوين خلال شهري أفريل وماي 1956 وانها أدت الى استشهاد عديد المقاومين المطالبين بالاستقلال التام في ذلك التاريخ وترك جثثهم ملقاة دون تكريمهم بدفنهم، ولم يتمكن ذويهم من استخراج شهائد وفاة لهم الى حد الان».
وذكّرت بأن وفدا عن الهيئة تحول في فيفري 2017، إلى ولاية تطاوين بهدف التقصي في الاعتداءات التي طالت مقاومي الجهة على يد الإستعمار الفرنسي بعد أشهر من استقلال تونس، مشيرة إلى انها استعانت بالمجتمع المدني والأهالي لجمع رفات المقاومين التي قالت انها ظلت منتشرة على سفح جبال أقري وانها تولت رفع عينات بواسطة خبراء من معهد باستور ومستشفى شارل نيكول لتحديد هويتها. وأوصت الهيئة بإحداث روضة لهؤلاء الشهداء بولاية تطاوين ومركز لحفظ ذاكرة نضالاتهم في وجه الاستعمار الفرنسي وتخلد ذاكرتهم.
وبخصوص التقرير النهائي للهيئة المنتظر تسليمه مع نهاية الشهر الجاري قال علي رضوان شارفت على الانتهاء من اعداده وفي تعليقه على ما جاء على لسان رئيس الحكومة يوسف الشاهد في حواره الاخير على قناة التاسعة بخصوص هيئة الحقيقة والكرامة وان ملف العدالة الانتقالية لم يحقق المبتغي ، ان الهيئة انجزت مهمتها وانه لا يوجد اي عمل بشري كامل وكل عمل بشري قابل للنقاش والهيئة اجتهدت وهي الى حد الان تواصل عملها ولكن العدالة الانتقالية مسار كامل وطويل يتطلب بعض الوقت ولها شروط اساسها كشف الحقيقة وجبر الضرر ومساءلة الناس الذين ارتكبوا اخطاء والاعتراف للضحايا، والمصالحة وحفظ الذاكرة ...مشيرا هنا الى ان الدولة لم تكن حاضرة في اي حدث فضلا عن وجود عراقيل ..واجهت الهيئة منذ انطلق اعمالها.