الندوة الصحفية للمكرمين في أيام قرطاج المسرحية: المسرحيون يستحضرون الذاكرة

اختلفت حكاياهم، تباينت ذكرياتهم وتعدّدت أقاصيصهم، لكلّ منهم علاقته الخاصة بالمسرح، لكلّ مسرحي ذاكرته

المتجددة تحمله إلى لحظاته الأولى التي اعتلى فيها الركح وكتب بجسده أجمل الأعمال، اختلفت انتماءاتهم الفنية وجمعهم حبّ المسرح والمساهمة في تأثيث المشهد المسرحي في بلدانهم.

في النجمة الزهراء قدّمت ندوة صحفية للمكرمين في الدورة العشرين من تظاهرة أيام قرطاج المسرحية، تكريم شمل الأشخاص و الهيئات و المؤسسات و في دار البارون ديرلونجي اجتمع كل من خالد امين عن المركز الدولي لدراسات الفرجة بطنجة وسامح مهران رئيس المهرجان الدولي للمسرح بالقاهرة ومدير سوق الفن و العروض الافريقية بابيدجانياكوباكوناتي وممثلا عن الهيئة العربية للمسرح اما الأشخاص فكرموا كلاّ من غنام غنام وخالد الطريفي من الأردن وعبد الله راشد من الامارات العربية المتحدة وكارول اوميلينغا من رواندا و اوليفيا كاراميرا من بوركينا فاسو ومن تونس صباح بوزويتة ودليلة مفتاحي ولطيفة القفصي وصابر الحامي وبحري الرحّالي ومنصور الصغير.

نساء مسرحيات: اختلف الاسم لكن الطموح واحد
هنّ المبدعات و المميزات، كلّ منهنّ صنعت لنفسها مسارها الإبداعي الخاص ، تشاركن الحلم في الابداع و الكتابة و الرقي بالمشهد المسرحي، لكلّ شخصيتها وحكايتها المختلفة، وكلّ منهنّ صنعت طريقا ابداعيا تحدّت من خلاله كلّ العوائق التي واجهتها.
الأولى تونسية من مدينة قصر هلال، سيدة ومبدعة مسرحية كرّمتها الدورة الحالية اعترافا بدورها في المشهد المسرحي، هي صباح بوزيتة التي قالت عن التكريم « إذا غابت العلاقات الإنسانية عن ايّ فعل ابداعي حينها يصبح الفن كما صناعة القوارير، التكريم لمسة اعتراف تحيي روح الفنان و توقد حبه للفن» وصباح بوزويتة هي اول فتاة دخلت لدراسة المسرح في المعهد العالي للفن المسرحي واولى الممثلات اللواتي تخرجن من المعهد، دخولها للمسرح كان صدفة «شاهدت غسالة النوادر في التلفزة وعرفت ان هناك مسرحا اخر غير الذي نراه في التلفاز وقررت خوض التجربة» ومن حسن حظّ تلك الشابة آنذاك انّ اول عمل محترف جمعها مع محمد ادريس والعمل الثاني كان مع الفاضل الجعايبي والفاضل الجزيري بعدها انطلقت تجربة إبداعية خاصة بصباح بوزويتة.

المكرّمة الثانية كتبت تباشير الحلم في المنفى، من وجيعة اللجوء خاطت احلامها الفنية، اول عائق تعرضت له منعها من الدخول الى المسرح وهي بعمر الخمسة أعوام وهل يدخل اللاجئون الى المسارح؟، في منفاها تعلمت الفن واحبت المسرح وكلّ تلوينات الحياة هي الممثلة المسرحية الروندية carole umulinga تلك السمراء المتمسكة بجذورها قررت الخروج من منفاها في «بوريندي» والسفر الى بلجيكيا للدراسة.

وهناك وجدت في مأزق اخر بين دراسة الرياضيات و المسرح «حيرة شعرت معها بوضع العنزة التي تتسلق الجبل للرعي فهي بين السقوط في الهوة وبين بؤس الجوع» كما وصفت نفسها، حالة من حيرة لازمتها قبل قرارها الغوص في المسرح، ولأنها تحنّ الى المنشإ الى روندا وتؤمن بدور الفنون في التغيير تركت بلجيكيا وعادت الى روندا وهناك «صدمت بما خلّفته الحرب من دمار، ولانّ الحرب ابادت جلّ الرجال قرّرت ومجموعة من النساء العمل على المسرح ومن خلاله لتأسيس جيل يؤمن بقدرة الفن على التغيير» ومنذ عودتها الى وطنها انطلقت رحلتها صحبة ثمانية نساء واسسن فرقة اسمها «ايشو» ومعناها «القطيع» والفرقة تعمل على ترسيخ ثقافة المقاومة بالمسرح.

هنّ سيدات المكان، هنّ قبس النور دوما ومن ابتسامتهنّ تستقبل اجمل الآمال، بلباسها الافريقي الموشى بالألوان واقراطها الافريقية الساحرة تحدّثت عن سعادتها بتكريمها وهي في سنّ صغيرة «في بلداننا تعودنا التكريم في عمر متقدم، فكم ممتع ان اكرّم قبل الممات كما عهدنا»، المكرّمة الثالثة من بوركينا فاسو واسمها oliviakaramera ، مسرحية ولدت في احدى قرى بوركينا فاسو ثمّ نزلت الى المدينة لدراسة المسرح وممارسته تقول عن تجربتها «أحببت المسرح وذهبت الى المدينة لدراسته، من قرية بعيدة اصولي وبعد سنوات قررت العودة الى قريتي لأقدّم المسرح فهناك في القرى مبدعون يستحقون ان نسلّط عليهم الأضواء»، كاراميرا كما قالت تنحدر من القرية، تؤمن بقدرة الفن على التغيير لذلك قررت تقديم مبدي القرى الى فناني المدينة بتأسيس مهرجان اسمه « قرية في المدينة» وانطلق في العام 2011 ليصبح له روّاده ويصبح من المهرجانات المحترمة جدا في بوركينا فاسوا ويكون التكريم قبسا تستلهم منه طاقة لمزيد العمل.

واختلفت المدارس الإبداعية
اختلفت مدارسهم الإبداعية وانتماءاتهم الفنية وجمعهم حبّ المسرح، كلّ المكرمين لهم علاقة خاصة بالمسرح واغلبهم دخل للفن الرابع من باب الصدفة ليبدع بعدها، تجارب عديدة ومختلفة من تونس تحدّث البحري الرّحالي عن تجربته مع الفرقة القارة بالكاف و أشار الى دخوله صدفة الى عالم الفن الرابع وهو عصامي التكوين تعلّم فنّ الحياة في الكاف، وتجربة ابن دوز منصور الصغير الذي اختار مسرح الهواية واسس فرقة بلدية دوز في مدينة صحراوية تفتقد للمسرح ومن هناك انطلق الحلم وتواصلت الرحلة الإبداعية، التجربة الرابعة لصابر الحامي محب الرياضة لكن حبه لشقيقته دفعه لدراسة المسرح ليتتلمذ على يدي المنصف السويسي وكمال العلاوي وحمادي المزي ونور الدين الورغي.

من التجارب الممتعة والغريبة تجربة الاماراتي عبد الله راشد الذي عرف المسرح من باب الصدفة «معلم الرياضيات نُفي الى قريتنا لأنه تجرّأ وقرر ادخال فتاة الى المسرح نفوه ليكون معلمنا وفي القرية الفجيرة المسرح عندنا هو مرعى الغنم» ومن المرعى بدأت حكايتي من المسرح وقمنا بتشييد ركح من الاسمنت و بعد سنوات من النحت في ثنايا النسيان اصبح للفجيرة ثلاثة مسارح واصبح لها مهرجان الفجيرة للمونودرام ورغم تفضيلي للمسرح على المحاماة فأنا جدّ سعيد بهذا الكمّ من الحب.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115