معرض «انامل تشكيلية» في المركب الثقافي ابن منظور بقفصة: الفنان التشكيلي يكتب الفرح والترح على البياض

إحتم بالفن ، أنا لا أمزح على الإطلاق ، الفن ليس وسيلة لكسب العيش فقط ، بل إنهُ الطريقة الإنسانية لجعل الحياة

أكثر تحمّلا ، قُم بممارسة الفن ، بدون أن تهتم إن كُنت تقوم بذلك بشكل جيد أو سيء ، الفن هو الطريقة الصحيحة لجعل روحك تنمو وتزدهر ، من أجل السماء ، حاول أن تُمارس الفن قدر إستطاعتك ، فسوف تحصل على مُكافأة مجزية جدا ، وهي أنك أبدعت شيء ما. هكذا يقول كورت فونيجت .

في قفصة احتموا بالفنّ كتبوا حكاياهم بالريشة و اللون، بين الاكريليك و الزيتي و المائي صنعوا لانفسهم ملجأ للحلم والمقاومة، ملجأ رسموه في معرض بالمركب الثقافي ابن منظور بقفصة «انامل تشكيلية»، انامل رسمت و تميز بعضها واقنع لجنة الاقتناء بإدرة الفنون التشكيلية لاقتنائها لتكون في الرصيد الوطني من الفن التشكيلي.

التشكيلي كما الخالق يخلق اللوحة من العدم
النسيج وسيلته للكتابة التشكيلية، ذاك النسيج السندي الصنع (نسبة الى قرية السند في ولاية قفصة) النابع من قوة نساء الجبل وتمسكهنّ بحرفة قديمة يكون لوحته ليرسم فوقها هواجس الروح و القلب، كما الولادة تكون لحظات خلق لوحة تشكيلية، من البياض يصنعون اجمل اللوحات، يكتبون الواقع يشكلونه على القماش او الاكريليك أو يكتبونه بالزيتي وربما بالصورة الفوتوغرافية فاللوحة مهما اختلفت تقنيات تقديمها هي جزء من الروح فالحرفي يعمل بيديه و المهني بعقله اما الفنان فبقلبه وعقله ويديه.

في «انامل تشكيلية» يوثق زياد السندي للحظات ولادة اللوحة يصفها بالمتعبة، اختار للوحته اسم souffrance، وللاسم رمزيته لأنه حتما يحيل على معاناة الفنان في ربوع البلاد، معاناة مخاض الفكرة والتجسيد ، لوحة كتبت على النسيج تنقل شكل امرأة مع الوان تجمع القليل من الاحمر وللأحمر رمزية الدم و هل هناك ولادة دون دماء، فاصفر موزع على كامل الوحة ذاك الون المميت لون العدمية و الفناء مع مسحة من الاسود الوان تتماهى في رمزية الألم الم يحمل الزائر الى عالم الفن التشكيلي وصعوبة ولادة اللوحة ، معاناة يجسدها نبيل السويسي في لوحته l’enceinte، لوحة بتقنية الاكريليك لوحة امتزجت فيها الالوان التي ترمز الى الالم و المقاومة معا فخلف كلّ وجيعة روح ثائرة وكلّ فن يحمل نورا الى الاخر.

الفن نور فلتحبر في رحابه
هلاّ اتيت لتبحر في سحر الاكريليك وتستمتع بهدوء الألوان هلا تركت الاحمر القاني و نتاسيت وجود الاصفر الحاني واستمتعت بالازرق بكلّ تدرجاته، هلّا رغبت في جولة في بحر الحب مع منصور رجب ولوحته «swimming»، لوحة تبحر في عالم التجريدي، تحمل المشاهد للتفكير و التأويل ربما تندرج في خانة رسم المساحات اللونية فميزة اللوحة ألوانها الازرق هو الطاغي الازرق لون الهدوء لون البحر و الماء و الامتداد ولاّن التجريد يقطع مع الواقعي قد يكون الازرق يرمز الى امتداد الفكر عند الرسام ورغبته في التحليق في سماء الابداع، ازرق مع بضع مساحات سوداء كانها ترمز لقلق يعانيه الانسان متى فتح باب الامل ، الوان تكشف ان وظيفة الفنان ليست أن يرسم ما يراه ولكن أن يعبر عن الدهشة التي يسببها ما يراه وينجح في التعبير عنها بقوة كما يقول الفنان الفرنسي « ما تيس».

لازال للدهشة نصيبها لازال للرحلة اللونية حضورها في معرض انامل تشكيلية، لازالت الجولة اللونية تحضر بقوة وتدفعك للوقوف امم اللوحة والسؤال عن رمزية الاسم «الوجه الاخر» و رمزية الألوان اذ يعرف اللون بكونه التفاعلات الحادثة بين شكلٍ معين والإشعاعات الضوئية الواقعة عليه، والتي تساعدنا في رؤية الشكل وتحديده، وتلعب الألوان دوراً مهماً جداً في الفن التشكيلي وذلك لتأثيرها بشكل مباشر على مشاعر المشاهد وأحاسيسه، فاللون الأحمر يثير مشاعر الغضب لدى المشاهد ويزيد انفعالاته، أمّا اللون الأصفر فإنّه يثير مشاعر السرور لديه، أمّا اللون الأزرق فيثير مشاعر الشوق و لوحة «وجه اخر» لانور نصر بألوانها الزرقاء تثير الشوق الى الطفولة الى المدينة العتيقة وحكاياها الى الفنّ الجميل بكل تلويناته.

لأنك امرأة ارسمي وأبدعي
هنّ سيدات المكان حتما، لاناملهنّ سحر الولادة وجمال اشراقات الصبح لاولى، هنّ الحالمات الكادحات الصادقات المؤمنات بالفنّ، هنّ اللوحة وهنّ الريشة وحركتها هنّ مساحات الجمال اينما كنّ وهنّ عنوان الابداع دائما، في انامل تشكيلية اقتنت لجنة الفنون لتشكلية ثلاثة اعمال لثلاثة فنّانات اختلفــــت مدارسهنّ وطريقة التعبير .
لوحات قد تبدو مفهومة احيانا ايمانا بمقولة بيكاسو « عندما سئل بيكاسو لماذا بعض لوحاته غير مفهومة ؟ أجاب: العالم بلا معنى.. لماذا تريدون مني أن أرسم لوحات ذات معنى» ولانّ العالم غير ذي معنى فاخترن الفن التشكيلي ليضفين عليه مسحة من الجمال و الحياة.

ولانّ الفنان دائما يحتفي بالجمال و الجمال دوما يأخذ شكلا ما قررت عاشقة المرقوم و التطريز ان يكون ما تصنعه الجدات جزء من اعمالها ولأنها مختصة في التراث ومهتمة بقصص قفصة مدينتها تقدم ماجدة ادريسي اعمالها التي تجمع فيها الرسم والنسيج، تجمع التجريدي والواقعي مدرستان مختلفتان لكن ماجدة تحاول التوفيق بينهما لخلق طابعها الفني الخاص، في انامل تشكيلية تكون لوحة «تحرر» عنوانا لكسر كل القيود، لوحة تمازجت الوانها و قدمت القليل من حكايا قفصة و قصصها، الوان الجبل و الواحة الوان بعضها يشر الى عرباطة الشامخ واخرى الى مغاور السند البربرية فاللوحة عندها رمز لتاريخية المكان..

الفن وحدة متكاملة ويرفض مقارنة أي عمل فني بعمل آخر لكون كل عمل ذاتي حدّ رأي للفيلسوف والمؤرخ والناقد الإيطالي « بيند كروتشي ».

وفي المعرض الذي يحتضنه فضاء المركب الثقافي بقفصة، اختلفت الالوان و القصص ورمزية الألوان ومن تاريخية قفصة الى التجريد الذي تعتمده ايمان خماجة في أعمالها فنانة تعمل على التجديد و الالوان و رمزية افكار تحاول طرحها في لوحاتها، في المعرض تم اقتناء لوحة vego لوحة اخذت فيها الالوان مساحة كبيرة، ولان التجريب هو رسم للافكار بطريقة ما رسمت ايمان خماجة الطموح الى النجاح باللون الازرق ورسمت العثرات بالأسود اما الاخضر فملأت به مساحات الحب و البياض موجود فكلنا نحتاج الى القليل من السلام لنحلم، و اللوحة لم تلد صدفة وكذلك هواجس لفنانة انما كتبتها وكان لسانها يقول ماقاله :فان جوخ” الى احد أصدقائه « إنني أريدك أن تعلم أنه إذا كان ثمة شيء جدير بالتقدير أو الأعتبار فيما أنا بصدد إنتاجه فإن هذا الشيء ليس وليد الصدفة أو الاتفاق وإنما هو ثمرة لقصد حقيقي».

هنا انامل تشكيلية مختلفة افكار متباينة تكتب علاقة الفنانات باللوحات والواقع و الرمزية، هنا قبصة ولقاء مع حكايات الفنانات واحلامهنّ بين التجريبي والواقعي و السريالي، هنا اختلفت الاعمال و الافكار واشتركوا جميعا في حبّ اللوحة وكتابة تفاصيل الحلم بالريشة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115