المعرض الجهوي للفنون التشكيلية في المركب الثقافي بتطاوين: اللوحة كما المرأة باعثة للحب والجمال

عانق اللون وأحلم، تماه مع جماله وامتداده امتداد الصحراء وقصصها، هنا الجنوب موطن الحب والابداع

و الخيال، عاند الموجود وارسم لنفسك مسارها وطريقها المختلف، امن باللون والحركة لتثبت انك حيّ وحرّ، هنا المركز الثقافي بتطاوين ولقاء مع واحد وعشرين فنانا تشكيليا، لقاء مع المنحوتات و اللوحات الزتيتة والمائية والاكروليك لقاء مع ثلة من أمهر فناني الجهة عشاق اللون في المعرض الجهوي للفنون التشكيلية.
افتتح المعرض أبوابه لعشاق الحركة واللون ويتواصل الى غاية 10ديسمبر، معرض جمع اشكال مختلفة وافكارا اكثر اختلافا، اسماء منهم الاكاديمي و العصامي تباينت علاقتهم بالفنون و اجتمعوا في حبّ الفن التشكيلي وتقديم لوحات تنبض بالصدق و الحياة، هنا تطاوين ولوحات ابنائها تدعوكم إلى اكتشاف بعض خباياها فلبوا نداء عشاق الامل وصانعيه.

المكان ذاكرة واللوحة دفاع عن الهوية والذاكرة
هنا الجنوب، هنا المركب الثقافي بتطاوين يفتح أبوابه لعشق الحياة لمن عاندوا قسوة الواقع وحلموا شاهرين سلاحهم في وجه اعداء الحياة، هنا الدورة الخامسة للمعرض الجهوي للفنون التشكيلية ولقاء مع لوحات ومنحوتات تصرخ بالحياة وتبعث في الزائر الرغبة الملحة لاكتشاف تطاوين وقصورها.
«الذاكرة» جزء من المكان، هنا لوحات تعرفك على الجهة تحملك لتتجول في «قصر اولاد دبّاب»، لوحة مرسومة بتقنيات مختلفة على ورق arché، ميزتها الوان تجمع البني لون تراب الصحراء ولون الحجارة، مع خضرة في سعف النخيل الذي توسط القصر و ازرق سماوي زين اعلى اللوحة مع عصافير سوداء صغيرة تشبه طائر الخطاف لوحة تكاد تنطق حياة معها ستقارب شموخ القصر وسماءه ستجدك كما اراد الرسام خليفة القاسمي في علياء سمائك تحاول مسك خيوط الحلم التي انبثقت من اللوحة ستتابع أجزاء المكان ولأن القاسمي جد ذكي سيصاحبك لتغوص في التفاصيل مع لوحته « غرف وأبواب» لوحة مرسومة بتقنية aquarelle على الرخام الطبيعي، جمعت البني وتدرجات الاصفر لوحة تقارب جزئيات ابواب القصر ونوافذه تعكس التفاصيل حتّى الشقوق وكانه يدعو ضيوف المكان ومشاهدي اللوحة للتحرك لصيانة ما تبقى من ذاكرة «غرف» القصورات الصحراوية.
هنا الجنوب هنا كل الابداع هنا تولد ارادة الحياة هنا تفاصيل وجزئيات ينقلها الفنانون لضيوف المكان، هنا قصور صحراوية شامخة وحبّ للصحراء لا يتغيّر، من يقول تطاوين حتما سترحل به الذاكرة الى عروس الجبل تلك القرية الامازيغية الشامخة «شنني» قرية تحملها اليك عدسة فرج الصفيفر في لوحة سماها «شنني» تلك القرية الهادئة لوحة من اعالي الجبل تنقل القرية المهجورة الصامتة تلك القرية الشامخة كوشم في جبين عجوز امازغية.

المكان ذاكرة و الفوتوغرافيا رمز للذاكرة الحية بالكاميرا يتجول في ربوع تطاوين وينقل الى المتلقي صورا عن اماكن لم تعرف بعد، بالكاميرا يحملنا فرج الصفيفر الى «سطح القمر» ذاك المكان الصحراوي الصخري بني اللون والقائم على تجاويف كثيرة سماها زوارها بسطح القمر.
في الفن لا وجود للصدفة، اثناء الوقوف أمام بياضها لملئها بهواجس الروح ولجلجات القلب لا وجود لباب اسمه الصدفة، لكن العنوان والاسم احيانا يكون مرهقا و لان الفن يحتمل التاويل ويترك للمشاهد باب الاختيار، يفتح الفنان محمد الهنتاشي لزوار المعرض بابا ليسموا اللوحات كما يريدون، لوحات سماها هو «دون عنوان» لكن المتامل فيها سيجد لها عناوين عديدة منها اللوحة ذاكرة للمكان، الفن مطية للدفاع عن الهوية، لوحات تمازجت فيها الالوان الصحراوية من البني الى الاصفر مع قليل من الخضرة لوحات مصنوعة من الاكريليك على القماش لوحات تبدو الصورة فيها غير واضحة المعالم وكانها دعوة حازمة للوقوف بوجه خراب القصور الصحراوية دعوة إلى كل المجتمع المدني ومسؤولي تطاوين لصيانة القصور حماية الذاكرة من التلف.

الثورة في الفن والفكر
تطاوين هي «الحنين» الى الاصل الى الصحراء، هي احتراق النفس كما اعواد الثقاب في لوحة الفنان البشير مطاوع، من يقول فن تشكيلي يقول حتما «تضحية» من اجل الفن والابداع و الثورة الفكرية و الفنية هنا في ربوع الجنوب التونسي.
جولة بين اللوحات جولة تملأ النفس «امل» يتلون ويتشكل في لوحات ابدع في رسمها اصحابها، عايشوا اللوحة وحكاياها ونقلوا هواجس النفس لجمهور يقبل على الفنون في مكان بعيد عن المركز، هنا رسم عبد الله التوكاني بالكاميرا لحظات الامل في صورة فوتوغرافية لشابين في قصر، صورة في الظلام ميزها الاسود المطلق يتوسطهما شعاع الشمس لحظات الشروق لوحة تشدّ الانتباه وتبعث في مشاهدها أسئلة عن الفن والحياة، اسئلة قد ترهق النفس أحيانا إلى حدّ الاختناق حينها تتشتت الفكرة ويصبح الوجه مقسما يمكن اعادة كتابة تفاصيله اختناق في لوحة «مقهور» اشار اليه الفنان عبد الله التوكاني بالرمادي والاسود.
لازالت الجولة في حضن اللوحات لازال للحلم مطيته وللامل تفاصيل لم تنته بعد، هنا يقاومون «جمود» بالحجارة و الرسم وبعث الحياة في العدم، هنا نحت الفنان فتحي السلطاني جزءا من الروح في منحوتة استعمل فيها خشب الزيتون منحوتة مبهرة بنية اللون لامعة كفكرة تنبض بالحياة، اسمها «جمود» وهي تصرخ بالحياة، و لان رفض جمود الفكر وجمود الروح يبعث السؤال و السؤال ينشط الرغبة في التمرد حينها تكون «الثورة» مصنوعة من الحديد و الحجارة البيضاء كما نحتها خليفة فتحي السلطاني.
لازال للمتعة نصيب، لازال للحلم مكمن هنا، هنا الصحراء المغرية بالزيارة ومعرض تشكيلي اكثر اغراء، هنا تغويك القصور وحكاياها وتسحرك الصحراء في امتدادها هنا ولد فنّان متمرد وثائر صنع من خشب الزيتون اجمل المنحوتات، هنا هدوء اغرى زيد عسل بالبقاء والنحت والحب بعيدا عن الصخب وفي المعرض يشارك زيد عسل بمنحوتة rev-olution منحوتة حافظ فيها الفنان على لون الخشب منحوتة كتب فوقها تفاصيل الحلم و التمرد و مقاومة ابدية لكل اشكال التصحر الثقافي.

لأنك شريكة الله في الخلق فثوري
«عبق اللوحة» يفوح شذاه في المركب الثقافي بتطاوين، يداعب ابتسامة الفنانة كوثر فريطس لتحول الى «مادة تخترق الجسد» وأحجية تخترق الفكر فتتيه الكلمة و تبحر النفس ويسبح «الجسد في بحر الالوان» التي تضعها هاجر التريكي، يسبح الجسد مستمتعا بمساحة «الحرية» و«الكلمات الجريئة» التي وفرتها مسعودة حداد، وبعد جولته يعود منكفئا متشبعا بالوان الذاكرة ويستعمل «خيوط اللون» علها تتحوّل إلى فراشات ملونة كما رسمت ضحى فريطس، تلك الفراشات و جمالية اللون تتراءى لك ايها الزائر اثناء وقوفك امام لوحات الفنانات التشكيليات في المركب الثقافي بتطاوين.

واصل الجولة وعانق «خيال الحلم» في لوحات حنان قديدي و متى تعبت استنشق عبق التاريخ وتوقف قليلا امام لوحة خولة ورد «انتظار» تامل تلك السحابة الرمادية ووسطها ابتسامة حشّاد ينطر الى قلبك ليدعوك لتواصل دربه وكما قال «أحبك يا شعب» ردد معه «احبك يا فنّ» وأنت تترك حشاد لتعانق حنان «الام» في لوحات يزة عبد الحميد و تتركها لتكتشف ملامح جمال الخزف في منحوتات التشكيلية هدى قمعون، لوحات ستظل راسخة في الذاكرة لوحات تتغنى بالمدينة وحكايا نسوتها لوحات لن تنسى كذاكرة الجدات تلك اللوحة الصاخبة والصارخة لهاجر التريكي لوحة لعجوز بلغت من العمر عتيا نقلت الفنانة كل التفاصيل تفاصيل التجاعيد و الوشم والتقريطة في لوحة هي الذاكرة والامس والغد ايضا من خلال تناسق الالوان.
هنّ ثمانية فنانات تشكيليات يشاركن في المعرض الجهوي للفن التشكيلي، نساء تطاوين عشق اللون و اللوحة فقدمن اجمل الاعمال، من ارواحهنّ اقتطعن ابهى اللوحات، لوحات تحاكي صمود المرأة وحبها للفن، تنقل هواجسهن وتمسكهنّ بحقهنّ في الاختلاف، هنّ ضحى فريطس و يزة عبد الحميد و هاجر التريكي وكوثر فريطس و مسعودة حداد و حنان قديدي و هدى قمعون وخولة ورد هنّ شريكات الله في الخلق هنّ المبدعات الحالمات ابدا.

أسماء الفنانين ولوحاتهم في المعرض الجهوي للفنون التشكيلية:
• المولدي بورخيص : حبر على ورق / كتابة على الجلد (الحرف يسبح في رحم الفضاء)
• محمود غرب : امتداد / اللوحة المعلقة / زوايا
• رامي العبار : triptyque en céramique / métamorphose 1 / 2
• ضحى فريطيس : خيوط اللوان تنسج فضاء محملي / خيوط الفرشات الملونة تسكن جسد اللوحة / لون من الذاكرة
• محمد الهنتاش : بدون عنوان /
• يزة عبدالحميد : الأم / عاصفة / تكعيب
• عبد الله التونكتي : الأمل / مقهور / الوفاء
• زياد حمودة : lost / special knights / remains
• هاجر التريكي : جسد في عمق بحر الأوان / ذاكرة عجوز
• خليفة القاسمي : قصر اولاد دباب / ابواب وغرف
• زيد عسل rev…olution
• كوثر فريطيس : عبق اللون / المادة تخترق جسد اللوحة
• مسعودة الحداد : الحرية / كلمات جريئة / رؤية
• حنان قديدي : خيال حلم
• أحمد الغديري composition / maternité
• البشير مطاوع : حنين / التضحية
• هدى قمعون : السمكة الخزفية في البعد السريالي
• خولة وردة : إنتظار
• فرج الصفيفير : شنيني / سطح القمر
• فتحي السلطاني : جمود / ثورة
• عبدالستار الصادق : زفة / زفة الية

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115