احلم وحارب لتحقق كلّ ما تصبو اليه دع ابتسامة الاطفال دينك و الفن ديدنك و الحق في الثقافة للجميع هدفك وستصل حتما لتحقيق حلم سكنك منذ الصغر اذ ستتحقق كل احلامك اذا كنت تملك الشجاعة لمطاردتها كما يقول والت ديزناي و في المدينة العتيقة بتونس يوجد فضاء ثقافي وليد شامخ معتد بنفسه هو نتيجة لتمسك المسرحي بلقاسم عزيديني بحقه في الحلم ومطاردته للحلم منذ سنين طويلة، حلم سمّاه «الربط».
«الربط» او المركز الثقافي الدولي فضاء ثقافي ولد في شهر سيبتمبر 2018 انجز مهرجانا مسرحيا ويضم مجموعة من النوادي لرواده، فضاء يؤمن باهمية الفنون في تكوين الانسان وعنوانه 4 نهج الباشا و«الربط» هو فكرة تؤمن بالحق في الثقافة فكرة لا تحدّها حجارة او بنيان.
الربط ولد حلما جميلا وفضاء كبيرا
هنا المدينة العتيقة، هنا تاريخ يعود الى الفي عام مضت ، هنا حكايات الحفصيين وأسرارهم وقصصهم كتبت في بيوتهم و منازلهم، هنا سكن خير الدين باشا و رمضان باي، هنا تماهت الاسواق واختلفت أسماؤها من سوق العطارين وسوق البلاغجية وسوق البركة وسوق القرانة وسونق الكبابجية وسوق البلاط وسوق القماش وسوق اللفة وسوق النحاس الى سوق الشواشين فساحة رمضان باي ثمّ نهج الباشا وقبالة بطحاء نهج الباشا والى جوار فضاء «بير الاحجار» يوجد المركز الثقافي الدولي الربط.
وهو فضاء ثقافي او حلم مشترك جمع فنانين مسرحيين عشقا المسرح وقررا كتابة حلمهما في وليد ثقافي يجمع كلّ الفنون هما فاتن بن جميعية وبلقاسم عزديني الذي سبق وان غادر تونس ولكنّه عاد وهاجس المسرح يؤرقه « لأنه كيف يكون عندك حلمة وما حققتهاش آليا يلزمك ترجع» ولمطاردة حلمه بلامركزية الثقافة عاد بلقاسم عزديني من المانيا لينجز حلمه او القليل منه.
باب بنيّ اللون هو لون الارض و الانتماء، درج طويل، واحد، اثنان ثلاثة، ثلاثة وعشرون درجة، عدد الدرجات التي ستحملك الى داخل الربط، الى جانبيك وأنت تصعد الدرج لوحات جميعها عن المرأة التونسية بحليها التقليدي وأخرى بالسفساري وثالثة تحمل جرة الماء وأخرى تتوسط مجلسا فنيا، صورة عن المرأة التونسية بكلّ اختلافاتها.
بعد الثلاث والعشرين درجة تجدك في بهو جد جميل زينته فسيفساء و رسومات تبهر النفس الى يسارك مرآة، الى يمينك قاعتان اثنتان مخصصتان للإقامة الفنية، اثاث تقليدي سيمتعك لأنه سيغوص بك يا زائر المكان في ثنايا التاريخ وخبايا المكان، هذه خزانة جد قديمة وذاك كرسي وثير اكثر قدما، لا تجلس بعد تعب الدرج فلا زال الكثير من السحر لاكتشافه، واصل الجولة واستمتع.
بهو مربع الشكل، اثاثه قديم بعضه مصنوع من الخشب وآخر من البراميل ميزته المرقوم التونسي والرموز التي نجدها في المنسوجات اليدوية الصنع، البهو هو الفضاء الثقافي فضاء الاجتماع للنقاش عن عمل ما فضاء اجتماع شباب المدينة، هنا الربط، هنا ولد الفضاء الثقافي الجديد، فضاء مبهر يحادث التاريخ ويحدث الزائر عن جمال المدينة العتيقة وحق ابنائها وابناء الاحياء المجاورة في الثقافة.
«الربطّ» رمزية الاسم تدافع عن لا مركزية الثقافة
الربط اينما وليت وجهك قابلت حكاية ما، سؤال عمن قطنوا هذا المنزل، قصصهم، تاريخهم، ما الاحداث التي شهدتها تلك البطحاء؟ اسئلة تخامرك وأنت تصعد الدرج اسئلة تفوح بعبق التاريخ الذي ستتحسسه داخل الفضاء فلازال يحافظ على شكله وأثاثه وتاريخيته.
«الربط» اسم وحده يدفع إلى السؤال عن مغزاه، خاصة مع تكرار بلقاسم عزديني عبارة «لا مركزية الثقافة» حينها تطرح السؤال ما العلاقة بين كلمة الربط و اللامركزية، سؤال يجيب عنها مدير الفضاء بالقول «بحثنا كثيرا عن رمزية لاسم تجيب عن كلّ تطلعاتنا، صحبة عشيرتي فاتن بن جميعية بحثنا في كلّ الاسماء التي قد تحيلنا على لامركزية الثقافة داخل المدينة فكان الربط، و كلمة الربط في المفهوم الشعبي التونسي تحيل الى السكان خارج اسوار المدينة اولئك الذين ظلوا لأعوام محرومين من دخول اسوار المدينة، اليهم قررنا تحطيم فكرة القيود و المركز وتسمية وليدنا الثقافي «الربط» و «حتى ولد الربط عندو مسرح».
«الربط» يوجد في المدينة العتيقة لكنه ينفتح على جميع الاحياء الشعبية المجاورة للمدينة و المحيطة بها، «الربط» هو الفضاء لكن باسمه يمكن ان نقدّم عروضنا في كلّ الساحات والفضاءات الاخرى فمن رمزية الاسم نستمد ايماننا بلامركزية الثقافة وإخراج الفعل الفني خارج الاسوار والجدران.
«الربط» أيضا هو نبض الفن، فالاسم بالفرنسية يصبح Art-bat اي نبض القلب وهنا ينبض القلب بحبّ الفن وعشق المسرح والذوبان في جمالية المكان وبهائه، فضاء يشرف عليه شابان حالمان يؤمنان ان الحلم لا ينتهي مطلقا كما يقول باولو كويلو «لا يستطيع الانسان مطلقا أن يتوقف عن الحلم. الحلم غذاء الروح كما ان الاطعمة غذاء الجسم. نرى غالبا خلال وجودنا أحلامنا تخيب، ورغباتنا تحبط، لكن يجب الاستمرار في الحلم وألا ماتت الروح فينا» ولو ماتت الروح لما ولد «الربط».
للطفولة نصيبها وحقها
هناك في ربوع القصرين ولد حلم بلقاسم عزديني بتاسيس فضاء ثقافي خاص، حلم ولد مع الفنان وليد الخضراوي حين اسس المركز الدولي للفنون المعاصرة بالقصرين، هناك في القصرين ولد حلم بلقاسم عزديني بإنشاء فضاء ثقافي يلبي حبه للمسرح ويشبع نهمه الى الابداع، فضاء كما يريده، يجمع الفنون ويقدمها بطريقة مختلفة.
كبر الحلم و اينع من جديد في قعفور مع المسرحية هدى الرزقي بتاسيس المركز الدولي للفن الرابع بقعفور فضاء جمع شتات الفنانين ووحد افكارهم الفنية .
وها قد ازهر الحلم بعد عدة تجارب ليولد «الربط»، بعد البهو لك ان تصعد 23 درجة اخرى، منهكة ولكن الرغبة في الاكتشاف ممتعة، الى يسارك قاعة «مسرح الجيب» قاعة تحمل اسم الراحل الهادي داود، مسرح الجيب قاعة فرشت بألوان زاهية، الوان ممتعة فرش تقليدي طٌرح أرضا لتشاهد المسرح وأنت تجلس على الأرض، فرجة بطعم مختلف حتما.
بعد قاعة الهادي داود، السطح، مجموعة من الطاولات و الكراسي وضعت لتزين المكان وأثثته جماليا والى يسارك تلك الغرفة المذهلة «غرفة الخزين» في العادة هي اليوم فضاء لمسرح العرائس، ستائرها صنعت من فراشات ملونة و ميزتها اضواء مبهرة، تلك الغرفة الصغيرة باتت مسرحا للعرائس وهو اختصاص بلقاسم عزديني.
تلك القاعة الصغيرة تكون منفذا لأحلام الاطفال وحقهم في متعة بصرية ميزتها حركات العروسة المختلفة، ولأن «الربط» فضاء مختلف ويؤمن المشرفون عليه بحق الاطفال في جميع الفنون يكون للطفولة «النادي النموذجي للفن» ناد يبيح للطفل ممارسة كلّ الفنون فالطفل لا يمكن توجيهه يمكنه حب المسرح اليوم ويريد غدا ممارسة الموسيقى وبعدها يتلهف الى الرقص لذلك نوفر له ناد نموذجي يجمع كل الفنون ليمارسها جميعها وبعد 3اعوام يمكنه اختيار النادي و الاختصاص الذي يرغب فيه كما يقول محدثنا.
ويضيف محدثنا، بالإضافة الى النادي النموذجي نقدم للأطفال حصة الحكواتي صبيحة الاحد مع المسرحي الحكواتي حاتم حمودة والحكواتي من مميزات المدينة العتيقة اندثر تدريجيا ولانه جزء من التراث الشفوي نريد ارجاعه و امتاع الاطفال وحثّهم على السؤال والتفكر الى جانب المتعة الفنية.
للاطفال ايضا يقدم الربط «ميني كونسارفاتوار» يشرف عليه شكري عمر الحناشي ومنى العيساوي وميزته تعليم الاطفال في العام الأول «الصولفاج والنوتة» و تقنيات اكاديمية والعام الثاني تبدأ رحلة تعلم العزف.
هنا «الربط»، هنا خلف كلّ باب حكاية وخلف كل جليزة سرّ جميعها تدعوك لتكتشف المكان فمن السطح ستشاهد المدينة من فوق تراها في ابهى حلة صامتة وهادئة تشاهد أحياءها المجاورة، هنا ينبض القلب لكل الفنون فمن قال ان البيت المغلق لاعوام سيفتح احضانه للإبداع تماما كقول « «مهما كان القادم مجهولاً افتح عينيك للأحلام والطموح فَغداً يوم جديد وغداً أنت شخص جديد».
المهرجانات لها حضورها
افتتح فضاء «الربط» نشاطه منذ شهر سيبتمبر، وقدم للجمهور مهرجان اكتوبر الوردي بالشراكة مع وزارة الصحة و الجمعيات المهتمة بمرض «سرطان الثدي، مهرجان قدم مجموعة من العروض المسرحية والتنشيطية.
وفي البرنامج لقاء مع الرقص في شهر جانفي وارساء مهرجان ذو خصوصية اذ ستقدم العروض في الفضاءات المفتوحة في المدينة والفضاءات المغلقة «الديار المسكرة» جميع «البطاحي» و «الخرب» ستكون فضاء للرقص الجماعي و الثنائي طبعا لتحقيق جانب من اهداف المركز وهو تنشيط المدينة.
في شهر رمضان سيكون الموعد مع السينما، لمحاولة احياء الحفصية و بطحاء رمضان باي و اعادة النشاط الثقافي الحقيقي الى المدينة و ربما «نرجع بوطبيلة طيلة المهرجان على حدّ تعبير بلقاسم عزديني.
التعطيلات الادارية وغياب الوزارة
المركز الثقافي الدولي مسرح الربط افتتح في شهر سيبتمبر بعد اربع اشهر من تعطيلات ادارية لانجاز شركة فنية، أربعة أشهر من دفع معاليم الكراء والفضاء مغلق دون نشاط فقط بسبب «ارجع غدوة، الورقة هذي يلزم يصححها فلان» تعطيلات ادراية ترهق الفنان احيانا وتجبره على ترك العمل الثقافي، فهل من حلّ للتسريع في اجراءات انجاز اوراق الفضاءات الثقافية؟.
«الربط» فضاء للكبار أيضا:
يقدم فضاء الربط مجموعة من الانشطة و الورشات، هو ليس حكرا على الأطفال وانما يقدم فرصة للكبار والشباب ليبدعوا، اذ يقدم الربط مختبرا للفنون المسرحية يشرف عليه بلقاسم عزيديني ونزار الكشو ناد يجمع الجانبين البيداغوجي التكويني و الترفيهي ليكون النادي عبارة عن «مدرسة مصغرة» اكاديميا في الفن المسرحي.
وللرقص التونسي حضوره ايمانا بأن الرقص جزء من هوية التونسي و يقدم نصر الدين العبيدي نادي الخطوة التقليدية و الرقص المسرحي مع جميلة كامارا.
يقدم الربط ايضا فرصة لفهم «التنمية البشرية» و«الكوتشينغ» مساء الاربعاء مع بسمة المحجوبي.
يقدم ايضا ناد للسينما مع حسان عراف ونور جلولي وتعليم ابجديات التصوير بالهاتف الجوال.
وللكتب حضورها اذ سيصبح البهو السفلي مكتبة صغيرة موجهة للجميع مع حواسيب لتسهيل عملية البحث.
هل سنمنّى بمقابلة الوزير؟
في حديثه عن غياب الدعم لفضاء الربط اكد بلقاسم عز ديني انهم يتمنون فقط التسريع في مقابلتهم لوزير الشؤون الثقافية؟ هم يسعون لمقابلة الوزير راجين ان لا يطول انتظار هذا اللقاء؟ فهل سيستجيب السيد محمد زين العابدين ويقابل مشرفي فضاء الربط؟.